من ملكه، وإن عطلها بعد ذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من أحيا أرضا فهي له "، فهذا إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها للناس، فإن مات فهي لورثته وله أن يبيعها إن شاء " قال:
" والتحجير، فهو غير الإحياء، قال ابن المبارك: التحجير أن يضرب على الأرض من الأعلام والمنار فهذا الذي قيل فيه إن عطلها ثلاث سنين فهي لمن أحياها بعده ". ويظهر أن هذا الفرق الواضح لم ينتبه له رئيس حزب التحرير الإسلامي فإنه احتج بهذا الحديث المنكر في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام " (ص ٢٠) على أنه يشترط في إحياء الأرض الموات أن يستثمرها مدة ثلاث سنوات من وضع يده عليها، وأن يستمر هذا الإحياء باستغلالها فإن لم يفعل سقط حق ملكيته لها ".
والحديث مع أنه منكر ليس فيه الشرط المذكور، ولا هو في الإحياء كما هو ظاهر بأدنى تأمل، وكم له أولحزبه مثل هذا الاستدلال الباطل، والاحتجاج بالأحاديث المنكرة والأخبار الواهية.
٥٥٤ - " إن حادينا نام فسمعنا حاديكم فملت إليكم، فهل تدرون أنى كان الحداء؟ قالوا: لا والله، قال: إن أباهم مضر خرج إلى بعض رعاته، فوجد إبله قد تفرقت، فأخذ عصا فضرب بها كف غلامه، فعدا الغلام في الوادي وهو يصيح: يا يداه يا يداه! فسمعت الإبل فعطفت عليه، فقال مضر: لواشتق مثل هذا لانتفعت به الإبل
واجتمعت، فاشتق الحداء ".
موضوع.
رواه ابن الجوزي في " تلبيس إبليس "(ص ٢٣٨) من طريق أبي البختري وهب عن طلحة المكي عن بعض علمائهم: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مال ذات ليلة بطريق مكة إلى حاد مع قوم، فسلم عليهم فقال ". فذكره. قلت: وهذا مع إرساله موضوع، والمتهم به أبو البختري هذا، وهو وهب بن وهب المدني القاضي قال ابن معين:" كان يكذب عدوالله! " وقال أحمد: " كان يضع الحديث وضعا ".
وذكر ابن الجوزي في مقدمة " الموضوعات "(١ / ٤٧ - ط) أنه من كبار الوضاعين، فالعجب منه كيف يروي له في هذا الكتاب (تلبيس إبليس) الذي أكثر قرائه لا علم لهم بالحديث ورجاله! وقد ساق الذهبي في ترجمة أبي البختري هذا أحاديث كثيرة ثم قال: " وهذه أحاديث مكذوبة ".