أن للإمام سكتتين.... أخرجه البخاري في كتاب " القراءة خلف الإمام " وأخرجه فيه أيضا عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وعن عروة بن الزبير قال: يا بني اقرؤوا إذا سكت الإمام، واسكتوا إذا جهر، فإنه لا صلاة لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب ". فقوله: " حديث أبي سلمة.... " فيه إيهام كبير أنه حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن اللفظ من قوله صلى الله عليه وسلم كما هو المتبادر عند الإطلاق، وراجعني من أجل ذلك بعض الشافعية محتجا به! فبينت له أن الحديث ليس هو من كلامه صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مقطوع موقوف على أبي سلمة، حتى ولوكان مرفوعا لكان ضعيفا لأنه مرسل تابعي.
ثم قلت: ولوصح عنه صلى الله عليه وسلم لما كان حجة لكم بل هو عليكم! قال كيف؟ قلت: لأنه يقول: " فاغتنموا القراءة في السكتتين " وهما سكتة الافتتاح وسكتة بعد القراءة، وأنتم لا تقولون بقراءة الفاتحة أو بعضها في السكتة الأولى!
نعم نقل ابن بطال عن الشافعي أن سبب سكوت الإمام السكتة الأولى ليقرأ المأموم فيها الفاتحة. لكن الحافظ تعقبه في " الفتح " (٢ / ١٨٢) بقوله: " وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي، ولا عن أصحابه، إلا أن الغزالي قال في " الإحياء ": إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهية تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام ". وكذلك قول عروة المتقدم حجة على الشافعية، لأنه يأمر المؤتم بالسكوت إذا جهر الإمام. وهذا هو أعدل الأقوال في مسألة القراءة وراء الإمام، أن يقرأ إذا أسر الإمام، وينصت إذا جهر. وقد فصلت القول في هذه المسألة وجمعت الأحاديث الواردة فيها في تخريج أحاديث " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ".
٥٤٧ - " كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان، سكتة حين يكبر، وسكتة حين يفرغ من قراءته ".
ضعيف.
أخرجه البخاري في " جزء القراءة " (ص ٢٣) وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم من حديث الحسن البصري عن سمرة بن جندب. وهذا سند ضعيف أعله الدارقطني في سننه (ص ١٣٨) بالانقطاع فقال عقب الحديث: " الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثا واحدا، وهو حديث العقيقة ".
قلت: ثم هو على جلالة قدره مدلس كما سبق التنبيه على ذلك مرارا، ولم أجد تصريحه بسماعه لهذا الحديث بعد مزيد البحث والتفتيش عن طرقه إليه، فلو سلم أنه ثبت سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة، لما ثبت سماعه لهذا، كما لا يخفى على المشتغلين بعلم السنة المطهرة. ثم إن للحديث علة أخرى وهي الاضطراب في متنه.
ففي هذه الرواية أن السكتة الثانية محلها بعد الفراغ من القراءة، وفي رواية ثانية: بعد الفراغ