عقب هذا، فلا يصلح الاستشهاد بهما كما هو مقرر في محله من علم المصطلح. ومن الغرائب قول المناوي:" وزعم ابن الجوزي وضعه، ورده ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر، ووروده بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع ". قلت: كيف هذا وفي السند الأول من كان يضع الحديث كما عرفت، وفي الآخر مثله كما يأتي. ولهذا لم يصب السيوطي في تعقبه على ابن الجوزي، كما لم يحسن صنعا في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "!
٨٦٢ - " إذا كتبت فضع قلمك على أذنك، فإنه أذكر لك ".
موضوع.
رواه الديلمي (١ / ١ / ١٤٦) وابن عساكر (٨ / ٢٥١ / ٢) عن عمرو بن الأزهر عن حميد عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع آفته عمرو هذا كذبه ابن معين وغيره، وقال أحمد:" كان يضع الحديث ". وكذا قال ابن حبان (٢ / ٧٨) . ثم وجدت للحديث طرقا أخرى عن أنس.
١ - قال أبو نعيم " في أخبار أصبهان "(٢ / ٣٣٧) : حدثنا أحمد بن إسحاق: حدثنا أحمد بن سمير بن نصر: حدثنا أبو عبد الرحمن الراعي: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف: حدثنا إبراهيم بن زكريا: حدثني عثمان بن عمرو بن عثمان البصري عنه مرفوعا به. ورواه الديلمي كما في " اللآليء "(١ / ٢١٦) من طريق أخرى عن إبراهيم بن محمد القرشي عن إبراهيم بن زكريا الواسطي عن عمرو بن أبي زهير عن حميد عن أنس به. كذا وقع فيها " عمرو بن أبي زهير عن حميد " فلا أدري هل هو تحريف من بعض النساخ أو هكذا هو في رواية الديلمي، وأيا ما كان فمدار هذا الطريق على إبراهيم بن زكريا الواسطي وقد قال فيه ابن حبان (١ / ١٠٢) : " يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة ".
وقال:" يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، إن لم يكن المتعمد لها فهو المدلس عن الكذابين ". وضعفه غيره أيضا. وشيخه عمرو، أو عثمان بن عمرو ولم أعرفه. ومثله إبراهيم بن محمد القرشي. ورواه تمام (٢٩ / ١٠٢ / ١ رقم ٢٤٢٧) عن عثمان بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن محمد عن حميد عن أنس مرفوعا. وعثمان هذا
هو القرشي الوقاصي وهو كذاب كما سبق مرارا.
٢ - رواه الباطرقاني في " مجلس من الأمالي "(٢٦٦ / ٢) عن إسماعيل بن عمرو البلخي حدثنا عثمان البري عن ابن غنام عن أنس به. قلت: وعثمان هذا هو ابن مقسم قال ابن معين: " هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث ". والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فأورده فيه من رواية ابن عساكر