وضعفه السخاوي أيضا، ولكنه لم يصرح بضعفه الشديد كما فعل السيوطي وذلك منه تقصير، لأنه قد يغتر بعضهم باقتصاره على التضعيف، فيظن أنه من النوع الذي ينجبر ضعفه بمجيئه من طرق أخرى! بل ذلك ما وقع فيه السخاوي نفسه، فإنه قد قال بعد أن ساق هذه الطرق والطريق الآتية عن ابن عباس:
" وكلها ضعيفة، وبعضها يتقوى ببعض ".
فأقول: إن هذه التقوية غير جارية على قواعد علم الحديث، لأن شرطها أن لا يشتد ضعف مفردات الطرق، وهذا مفقود هنا كما تقدم بيانه. زد على ذلك أن الحديث مخالف للنصوص الصحيحة كما سبق ذكره تحت الحديث:" احترسوا من الناس بسوء الظن " رقم (١٥٦) .
ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي (ص ١٠٩ - مصورة الجامعة) فإذا فيه - مع وقفه - هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك.
وأما حديث ابن عباس المشار إليه، فلفظه:
" من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ".
١١٥٢ - " من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ".
باطل.
رواه تمام في " الفوائد "(١٤/١/٢) وابن عساكر (١٦/١٤٩/٢) عن أبي العباس محمود بن محمد بن الفضل الواقفي: حدثني أبو عبد الله أحمد بن أبي غانم الواقفي: نا الفريابي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا.
أورده ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وشيخه أحمد بن أبي غانم الواقفي لم أجد من ذكره، واسم أبيه (بزيع) كما ذكر ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا.
والحديث مع ضعف سنده فإنه باطل عندي لأنه يضمن الحض على إساءة الظن بالناس، وهذا خلاف المقرر في الشرع أن الأصل إحسان الظن بهم.