قلت: وفي هذا الجواب ما لا يخفى، ومثله إنما يفيد مع المقلد الذي لا علم
عنده بطرق إعلال الحديث والجرح والتعديل، أومن لم يقف على إسناده الذي به
يتمكن من نقده إن كان من أهله، أومن لم يطلع على كلام أهل النقد في بعض رجاله
، أما بعد أن عرف إسناد الحديث، وأنه تفرد به عبد الله بن عميرة، وتفرد
سماك بالرواية عنه، وقول الحربي فيه: لا أعرفه، وإشارة مسلم إلى جهالته،
وتصريح الذهبي بذلك كما سبق، فلا يفيد بعد الاطلاع على هذا أن ابن خزيمة
أخرجه، لا سيما وهو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن أنه متساهل في التصحيح،
على نحوتساهل تلميذه ابن حبان، الذي عرف عنه الإكثار من توثيق المجهولين ثم
التخريج لأحاديثهم في كتابه " الصحيح "! ولعله تأسى بشيخه في ذلك، غير أنه
أخطأ في ذلك أكثر منه.
وقد يكون من المفيد أن نذكر أمثلة أخرى من الأحاديث الضعيفة التي وردت في "
كتاب التوحيد " لابن خزيمة مع بيان علتها، ليكون القارىء على بينة مما ذكرنا
من تساهل ابن خزيمة رحمه الله تعالى.
الحديث الأول:
١٢٤٨ - " إن الله تبارك وتعالى قرأ (طه) و (يس) قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما
سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليهم، وطوبى لألسن تتكلم
بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا "
منكر
أخرجه الدارمي (٢/٤٥٦) وابن خزيمة في " التوحيد " (١٠٩) وابن حبان في "
الضعفاء " (١/١٠٨) والواحدي في " الوسيط " (٣/١٦/٢) وابن عساكر في "
التاريخ " (٥/٣٠٨/٢ و١٢/٣٠/٢) عن إبراهيم بن المهاجر بن مسمار قال: حدثنا
عمر بن حفص بن ذكوان عن مولى الحرقة (قال ابن خزيمة: وهو عبد الله بن يعقوب
ابن العلاء بن عبد الرحمن) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا متن موضوع كما قال ابن حبان، وإسناده ضعيف جدا، وله علتان:
الأولى: إبراهيم، قال الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث: