الماء لرأسه لم يذكر الأذنين، وقد صرح البيهقي بأنه أصح كما سبق، ومعنى ذلك أن اللفظ الأول شاذ، وقد صرح بشذوذه الحافظ بن حجر في " بلوغ المرام "، ولا شك في ذلك عندي لأن أبا الطاهر وسائر الثلاثة قد تابعهم ثلاثة آخرون، وهم حجاج بن إبراهيم الأزرق، وابن أخي بن وهب - واسمه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، أخرجه عنهما أبو عوانة في " صحيحه "(١ / ٢٤٩) ، وسريج بن النعمان عند أحمد (٤ / ٤١) ولا ريب أن اتفاق الستة على الرواية أولى بالترجيح من رواية الثلاثة عند المخالفة، ويؤيد ذلك أن عبد الله بن لهيعة قد رواه عن حبان بن واسع مثل رواية الستة، أخرجه الدارمي (١ / ١٨٠) وأحمد (٤ / ٣٩ - ٤٢) ، وابن لهيعة وإن كان ضعيفا، فإن رواية العبادلة الثلاثة عنه صحيحة، كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة، وهذا مما رواه عنه عبد الله بن المبارك عند الإمام أحمد في رواية، وهو أحد العبادلة الثلاثة، فهو شاهد قوي لرواية الجماعة يؤكد شذوذ رواية الثلاثة وعليه فلا يصلح شاهدا لهذا الحديث الشديد الضعف، ولا نعلم في الباب غيره، على أنها لوكانت محفوظة لم تصلح شاهدا له لأنه أمر، وهو بظاهره يفيد الوجوب بخلاف الفعل كما هو ظاهر.
إذا عرفت هذا، فقد اختلف العلماء في مسح الأذنين هل يؤخذ لهما ماء جديد أم يمسحان ببقية ما مسح به الرأس؟ فذهب إلى الأول أحمد والشافعي، قال الصنعاني (١ / ٧٠) : " وحديث البيهقي هذا هو دليل ظاهر "، وقال في مكان آخر (١ / ٦٥) : " والأحاديث قد وردت بهذا وهذا ".
قلت: وفيما قاله نظر، فإنه ليس في الباب ما يمكن الاعتماد عليه إلا حديث البيهقي وقد أشار هو إلى شذوذه، وصرح بذلك الحافظ كما سبق، فلا يحتج به، ويؤيد ذلك أن الأحاديث التي ورد فيها مسح الرأس والأذنين لم
يذكر أحد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا، ولوأنه فعل ذلك لنقل ويقويه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:" الأذنان من الرأس ". قال الصنعاني (١ / ٧١)" وهو وإن كان في أسانيده مقال، إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا ". قلت: بل له طريق صحيح وقد سقته وغيره في " الأحاديث الصحيحة "(رقم ٣٦) . وخلاصة القول: أنه لا يوجد في السنة ما يوجب أخذ ماء جديد للأذنين فيمسحهما بماء الرأس، كما يجوز أن يمسح الرأس بماء يديه الباقي عليهما بعد غسلهما، لحديث الربيع بنت معوذ:" أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من
فضل ماء كان في يده ". أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن كما بينته في " صحيح أبي داود "(١٢١) وهو مم يؤكد ضعف حديث الترجمة، وبالله تعالى التوفيق.
٩٩٦ - " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات، أو شيء لم تصبه النار ".
ضعيف جدا.
رواه العقيلي في " الضعفاء "(ص ٢٥١) وأبو يعلى في " مسنده "(١٦٣ / ١) واللفظ له وعنه الضياء في " المختارة "(٤٩ / ١) كلاهما عن أبي ثابت عبد الواحد بن ثابت عن أنس مرفوعا.