واحدة ولومرة واحدة؟ هذا مما لا نعرف له مثيلا في شيء من الأحاديث! وإنما يقال مثل هذا الجمع في روايتين صحيحتين عن صحابيين مختلفين،
مثل حديث ابن عمر هذا في الرفع وحديث ابن مسعود بمعنى هذا الحديث الباطل عن ابن عمر. فإن قال قائل: قد عرفنا بطلان هذا الحديث من الوجوه السابقة، فممن العلة فيه؟ هل هي من عبد الله بن عون الخراز الذي رواه عن مالك أم ممن دونه!
والجواب: أنه ليس في إسناده من يمكن الظن بأن الخطأ منه غير محمد بن غالب، وهو الملقب بـ (تمتام) فإنه وإن كان الدارقطني وثقه، فقد قال:" إلا أنه يخطىء، وكان وهم في أحاديث ". وقال ابن المناوي:" كتب عنه الناس، ثم رغب أكثرهم عنه لخصال شنيعة في الحديث وغيره ". فالظاهر أنه هو الذي أخطأ في هذا الحديث، فلعله من الأحاديث التي أشار إليها الدارقطني. وأما شيخه البرتي فهو ثقة ثبت حجة كما قال الخطيب (٥ / ٦١) ، وكذا شيخ هذا وهو الخراز ثقة من رجال مسلم، فانحصرت الشبهة في (تمتام) . والله أعلم.
٩٤٤ - " نهى أن يبول الرجل وفرجه باد إلى الشمس والقمر ".
باطل.
رواه الحكيم الترمذي في " كتاب المناهي " عن عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن: حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبوهريرة، وجابر، وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك يزيد بعضهم على بعض في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى.... قلت: فذكر حديثا طويلا جدا في النواهي، ساقه في " تنزيه الشريعة " بتمامه في نحوخمس صفحات! (٢ / ٣٩٧ - ٤٠١) ، وذكر الحافظ ابن حجر في كتابه " التلخيص "(٣٧) قطعة من أوله، هذا بعضه وقال:" وهو حديث باطل لا أصل له، بل هو من اختلاق عباد ".
وتبعه السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة "(ص ١٩٩) ، ثم ابن عراق وقال:" وذكر النووي في " شرحه على المهذب " من هذا الحديث النهي عن استقبال الشمس والقمر، وقال: حديث باطل لا يعرف ". قلت: ومن الغرائب أن يذكر هذا الحكم الوارد في هذا الحديث الباطل في بعض كتب الحنابلة مثل " المقنع " لابن قدامة (١ / ٢٥ - ٢٦) و" منار السبيل " لابن ضويان (١ / ١٩) ، وقال هذا معللا:" تكريما لهما "! وفي حاشية الأول منهما: " لأنه روي أن معهما ملائكة، وأن أسماء الله مكتوبة عليها "! قلت: وهذا التعليل مما لا أعرف له أصلا في السنة، وكم كنت أود أن لا يذكر مثل هذا