للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هذا كما ذكره الذهبي (ص ١٠٠ - ١٠١ و١١٧ - ١١٨) عن غير واحد منهم، بل غلا بعض المحدثين فقال: لوأن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش واستفتاني، لقلت له: صدقت وبررت!

قال الذهبي رحمه الله: " فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر، واليوم فيردن الأحاديث الصريحة في العلو، بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) ".

قلت: وإن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في نفيها، والطعن بأهل السنة المثبتين لها، ورميهم بالتشبيه والتجسيم، ودين الحق بين الغالي فيه والجافي عنه، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث، فضلا عن مثل هذا الأثر!

وبهذه المناسبة أقول: إن مما ينكر في هذا الباب ما رواه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد " (١٤٤ / ١ - ٢) من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش: أنشدنا أبو طالب محمد بن علي الحربي: أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله قال: حديث الشفاعة في أحمد، إلى أحمد المصطفى نسنده.

فأما حديث إقعاده على العرش فلا نجحده. أمروا الحديث على وجهه ولا تدخلوا فيه ما يفسده. ولا تنكروا أنه قاعد ولا تجحدوا أنه يقعده. فهذا إسناد لا يصح، من أجل أبي العز هذا، فقد أورده ابن العماد في وفيات سنة (٥٢٦) من " الشذرات " (٤ / ٧٨) وقال: " قال عبد الوهاب الأنماطي: كان مخلطا ".

وأما شيخه أبو طالب وهو العشاري فقد أورده في وفيات سنة (٤٥١) وقال (٣ / ٢٨٩) : " كان صالحا خيرا عالما زاهدا ". فاعلم أن إقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش ليس فيه إلا هذا الحديث الباطل، وأما قعوده تعالى على العرش فليس فيه حديث يصح، ولا تلازم بينه وبين الاستواء عليه كما لا يخفى. وقد وقفت فيه على حديثين، أنا ذاكرهما لبيان حالهما:

٨٦٦ - " إن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه يقعد عليه، ما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ".

منكر.

رواه أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني في فتياله حول الصفات (١٠٠ / ١) من

<<  <  ج: ص:  >  >>