وهذا جهل فاضح، فكم من مئات الأحاديث ضعفها أئمة الحديث وهي مع ذلك صحيحة المعنى، ولا حاجة لضرب الأمثلة على ذلك، ففي هذه السلسلة ما يغني عن ذلك، ولوفتح باب تصحيح الأحاديث من حيث المعنى، دون التفات إلى الأسانيد، لاندس كثير من الباطل على الشرع، ولقال الناس على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. ثم تبوءوا مقعدهم من النار والعياذ بالله تعالى.
١٥٢٩ - " أوسعوه (يعني: المسجد) تملؤوه ".
ضعيف.
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير "(٤ / ١ / ٢٢٦) وابن خزيمة في " صحيحه "(١ / ١٤٢ / ١) والعقيلي في " الضعفاء "(٣٧٨) من طريق محمد بن درهم: حدثني كعب بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه عن أبي قتادة قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من الأنصار، وهم يبنون مسجدا، فقال لهم: فذكره ".
قلت: وهذا سند ضعيف، محمد بن درهم مختلف فيه، قال شبابة: ثقة. وقال ابن معين: ليس بشيء. وفي رواية: ليس بثقة. وذكره العقيلي وغيره في " الضعفاء " وقال: " ولا يعرف إلا به ". وقد اختلف عليه في إسناده، فقال بعضهم عنه هكذا، وقال غيرهم: عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال: فذكر الحديث. أخرجه ابن عدي (ق ٣٠١ / ١) ، وقال الذهبي:" والأول أشبه ".
قلت: وكعب هذا هو ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، روى عن أبيه عن أبي قتادة، روى عنه محمد بن درهم المدائني. كذا في " الجرح والتعديل "(٣ / ٢ / ١٦٢) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وكذلك صنع البخاري، ولكنه فرق بين كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن أبي قتادة، وكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه. والله أعلم.