وجملة القول أن الحديث اضطرب فيه سوار، فلا يطمئن القلب إلى ترجيح رواية من روايتيه وإن كنا نميل إلى الرواية التي وافقه عليها الليث بن أبي سليم وإن كان ضعيف، فإن اتفاق ضعيفين على لفظ من لفظين، أولى بالترجيح من اللفظ الآخر الذي تفرد به أحدهما، هذا لو اتفق الرواة عنه فيه، فكيف وقد اختلفوا، والبيهقي، وإن مال إلى أن الحديث ورد في عورة الرجل لا الأمة، فقد جزم بضعفه للاختلاف الذي ذكرنا، فقال:" فأما حديث عمرو
بن شعيب فقد اختلف في متنه، فلا ينبغي أن يعتمد عليه في عورة الأمة وإن كان يصلح الاستدلال به وسائر ما يأتي عليه معه في عورة الرجل، وبالله التوفيق ".
وإذا عرفت ذلك، فمن الغرائب أن تتبنى بعض المذاهب هذا الحديث فتقول: بأن الأمة عورتها عورة الرجل! ويرتب على ذلك جواز النظر إليها بل هذا ما صرح به بعضهم، فقالوا: فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها "! ذكره الجصاص في " أحكام القرآن " (٣ / ٣٩٠) ، ولا يخفى ما في
ذلك من فتح باب الفساد، مع مخالفة عمومات النصوص التي توجب على النساء إطلاقا التستر، وعلى الرجال غض البصر انظر كتابنا " حجاب المرأة المسلمة " (٢٢ - ٢٥) .
٩٥٧ - " إن الله عز وجل قد رفع لي الدنيا، فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة كأنما أنظر إلى كفي هذه، جليانا من أمر الله عز وجل جلاه لنبيه كما جلاه للنبيين قبله ".
ضعيف جدا.
رواه أبو نعيم في " الحلية " (٦ / ١٠١) من طريق الطبراني: حدثنا بكر بن سهل: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا بقية عن سعيد بن سنان: حدثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عن ابن عمر مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد واه فيه أربع علل:
١ - سعيد بن سنان متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع.
٢ - وبقية مدلس وقد عنعنه.
٣ - ونعيم بن حماد ضعيف.
٤ - وبكر بن سهل ضعيف أيضا. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (٨ / ٢٨٧) وقال: " رواه
الطبراني، ورجاله وثقوا على ضعف كثير في سعيد بن سنان الرهاوي ".