للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإذا رجع القاريء إلى قولنا هذا وجده مقولا في ترجيح رواية الثمان على العشرين هذا الترجيح الذي ألفت الرسالة كلها من أجله، ومع ذلك يجهرون بقولهم أنني اعترفت من جديد بصحة العشرين! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: " إذا لم تستح فاصنع ما شئت ".

ولقد أصدروا رسالتهم هذه الثانية في هذا الشهر المبارك الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "! رواه البخاري وغيره (١) ثم إن الحديث قال ابن أبي حاتم في " العلل " (١ / ٢٤٩) عن أبيه أنه: " حديث منكر ". اهـ.

٨٧٢ - " لا تقولوا قوس قزح، فإن قزح شيطان، ولكن قولوا: قوس الله عز وجل، فهو أمان لأهل الأرض من الغرق ".

موضوع.

أخرجه أبو نعيم (٢ / ٣٠٩) والخطيب (٨ / ٤٥٢) من طريق زكريا بن حكيم الحبطي عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس مرفوعا. وقال أبو نعيم: " غريب من حديث أبي رجاء، لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم ".

قلت: وفي ترجمته ساقه الخطيب ثم عقبه بقول ابن معين فيه وكذا النسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن حبان (١ / ٣١١) : " يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها ".

والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (١ / ١٤٤) من رواية الخطيب ثم قال: " لم يرفعه غير زكريا، قال فيه يحيى والنسائي: ليس بثقة، قال أحمد: ليس بشيء، قال ابن المديني: هالك ". وتعقبه السيوطي في " اللآلي " فقال (١ / ٨٧) : " قلت: أخرجه أبو نعيم في " الحلية "، قال النووي في " الأذكار ": يكره أن يقال: قوس قزح، واستدل بهذا الحديث، وهذا يدل على أنه غير موضوع ".

قلت: وهذا تعقب يغني حكايته عن رده! لأن الحديث في " الحلية " من هذه الطريق التي فيها ذلك الهالك المتفق على تضعيفه، فمثله لا يكون حديثه إلا ضعيفا جدا، فكيف يستدل به على حكم شرعي وهو الكراهة؟! بل لا يجوز الاستدلال به عليه ولوفرض أنه ضعيف فقط، أي ليس موضوعا ولا ضعيفا جدا، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بالحديث الضعيف اتفاقا.

وما أرى النووي رحمه الله تعالى أتي إلا من قبل تلك القاعدة الخاطئة التي تقول: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "! وهي قاعدة غير صحيحة كما أثبت ذلك في مقدمة كتابنا " تمام المنة في التعليق على فقه السنة "، ولعله يطبع قريبا إن شاء الله تعالى، فإنه - أعني النووي - ظن أن الحديث ضعيف فقط! وهو أشد من ذلك كما رأيت. والله المستعان.


(١) وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (٢٠٤٥) . اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>