للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء بالمحافظة على هذه العبادة العظيمة هنا في بلاد الكفر، ولو تعصبوا لمذهبهم وجلهم من الحنفية - لعطلوها وصلوها ظهرا! فازددت يقينا بأنه لا سبيل إلى نشر الإسلام والمحافظة عليه إلا بالاستسلام لنصوص الكتاب والسنة، واتباع السلف الصالح، المستلزم الخروج عن الجمود المذهبي إلى فسيح دائرة الإسلام، الذي بنصوصه التي لا تبلى يصلح لكل زمان ومكان، وليس بالتعصب المذهبي، والله ولي التوفيق.

٩١٨ - " أخروهن من حيث أخرهن الله. يعني النساء ".

لا أصل له مرفوعا.

وقد أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (٢ / ٣٦) بقوله: " حديث غريب مرفوعا. وهو في " مصنف عبد الرزاق " (١) موقوف على ابن مسعود فقال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة (لها الخليل) تلبس القالبين فتقوم عليهما، تقول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: أخروهن من حيث أخرهن الله. قيل: فما القالبان؟ قال: أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد، ومن

طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في (معجمه) ".

قلت: ورواه الطبراني في " المعجم الكبير " (٣ / ٣٦ / ٢) من طريق زائدة أيضا عن الأعمش به، إلا أنه لم يذكر أبا معمر في سنده. ثم ذكر الزيلعي أن بعض الجهال (كذا) من فقهاء الحنفية كان يعزوه إلى " مسند رزين " و" دلائل النبوة " للبيهقي. قال: " وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا موقوفا ". وأفحش من هذا الخطأ أن بعضهم عزاه للصحيحين كما نبه عليه الزركشي، ونقله السخاوي (٤١) وغيره عنه، ونقل الشيخ علي القاريء في " الموضوعات " عن ابن الهمام أنه قال في شرح الهداية ": لا يثبت رفعه، فضلا عن شهرته، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود كما في " كشف الخفاء " (١ / ٦٧) . قلت: والموقوف صحيح الإسناد، ولكن لا يحتج به لوقفه، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات.

ومن العجائب أن الحنفية أقاموا على هذا الحديث مسألة فقهية خالفوا فيها جماهير العلماء، فقالوا: إن المرأة إذا وقفت بجانب الرجل أو تقدمت عليه في الصلاة أفسدت عليه صلاته، وأما المرأة فصلاتها صحيحة، مع أنها هي المعتدية! بل ذهب بعضهم إلى إبطال الصلاة ولوكانت على السدة فوقه محاذية له! وقد استدلوا على ذلك بالأمر في هذا الحديث بتأخيرهن، ولا يدل على ما ذهبوا إليه البتة، وذلك من وجوه: أولا: أن الحديث موقوف فلا حجة فيه كما سبق.


(١) (ج ٣ / ١٤٩ رقم ٥١١٥ - طبع المكتب الإسلامي) ، والزيادة منه، مع تصحيح بعض الألفاظ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>