الحكم وتعليله في مثل مذهب الإمام أحمد رحمه الله الذي هو أقرب المذاهب إلى السنة، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد أصاب مذهبه من بعض أتباعه نحوما أصاب المذاهب الأخرى من الملحقات والبدعات. ولذلك كان لزاما على جميع الأتباع الرجوع إلى السنة الصحيحة، وهذا لا سبيل إليه إلا بدراسة هذا العلم الشريف، ولعلهم يفعلون.
ومما يبطل هذا الحكم حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعا:" لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول ولكن
شرقوا أو غربوا ". أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، وهو مخرج في " صحيح أبي داود "(رقم ٧) ، وذلك أن قوله:" ولكن شرقوا أو غربوا " صريح في جواز استقبال القمرين واستدبارهما إذ لابد أن يكونا في الشرق أو الغرب غالبا. ويبطله أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة ". أخرجه الطحاوي والبخاري مختصرا كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (١٢٣) . قلت: فهذا يبطل تعليل ابن ضويان، فإن إلقاءهما في النار وإن لم يكن تعذيبا لهما، فليس من باب إكرامهما كما هو ظاهر لا يخفى!
٩٤٥ - " كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال ".
منكر.
رواه أبو داود (١ / ٢٠١) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن عمرو عن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان.... الحديث. قلت: وهذا سند ضعيف رجاله ثقات كلهم، لكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، وقد صح ما يعارض حديثه هذا، وهو ما أخرجه أحمد (٦ / ١٢٥) عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: " سألت عائشة عن الصلاة بعد العصر؟ فقالت: صل، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومك أهل اليمن عن الصلاة إذا طلعت الشمس ". قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم. ووجه المعارضة واضح منه، وهو قولها " صل " فلوكان عندها علم بالنهي الذى رواه ابن إسحاق عنها لما أفتت بخلافه إن شاء الله تعالى، بل لقد ثبت عنها أنها كانت تصلي بعد صلاة العصر ركعتين، أخرجه البخاري (٣ / ٨٢) ومسلم (٢ / ٢١٠) . فهذا كله يدل على خطأ حديث ابن إسحاق ونكارته. وهذا من جهة الصلاة، وأما من حيث الوصال، فالنهي عنه صحيح ثابت في الصحيحين وغيرهما عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن الحديث يخالف من جهة ثانية حديث أم سلمة المشار إليه، فإن فيه؟ :