رواه الخطيب (٣ / ٣٥٦) من طريق محمد بن هارون بن برية الهاشمي قال: حدثنا السري بن عاصم: حدثنا ابن السماك: حدثنا الهيثم بن جماز قال: دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد حر. فقال: ادخل يا هيثم! ادخل ادخل، حتى نبكي على الماء البارد، وقد عطش نفسه أربعين سنة، ثم قال: حدثني أنس بن مالك فذكره مرفوعا. وقال:" ابن برية في حديثه مناكير كثيرة، قال الدارقطني: لا شيء ".
قلت: وقال الخطيب في مكان آخر (٧ / ٤٠٣) : " ذاهب الحديث يتهم بالوضع ". وقال ابن عساكر:" يضع الحديث ". كما يأتي قريبا تحت الحديث (٨٠٦) .
قلت: لكنه لم يتفرد به، فقد أخرجه أبو نعيم في " الحلية "(٦ / ٥٤، ٨ / ٢١٦) عن علي بن المبارك المسروري (وفي الموضع الآخر، المروزي وهو تصحيف) حدثنا السري بن عاصم به. لكن المسروري هذا لا يستشهد به، فقد ترجمه الخطيب (١٢ / ١٠٥ - ١٠٦) وأشار إلى سوء حفظه، ولكن الذهبي اتهمه بخبر كذب. قال الحافظ في " اللسان ": " والخبر المذكور في " الفضائل " من كتاب " الموضوعات " لابن الجوزي ".
ثم إن السري بن عاصم كذبه ابن خراش، واتهمه النقاش بأنه وضع حديثا. وذكر له الذهبي أحاديث وصفها بأنها من بلاياه ومصائبه، منها الحديث الآتي عقب هذا. والهيثم بن جماز متروك كما قال النسائي والساجي، بل ذكره البرقي في الكذابين. ويزيد الرقاشي ضعيف.
فلا أدري كيف استجاز السيوطي أن يورد هذا الحديث في " الجامع الصغير " من رواية أبي نعيم، مع ما في سنده من هؤلاء الكذابين والضعفاء! ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق "(١٨ / ١١٥ / ١) . ثم رواه من طريق أخرى عن السري بن عاصم به. فهذه ثلاث طرق إلى السري فهو آفة الحديث، إن سلم من الهيثم. والله أعلم.