نعم خالفه جعفر بن عون فقال: حدثنا أسامة بن زيد.... فذكره موقوفا على ابن عباس. أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان "(٢ / ٤٥٥ / ١) . وجعفر بن عون أو ثق من حاتم بن إسماعيل، فإنهما وإن كانا من رجال
الشيخين، فالأول منهما لم يجرح بشيء، بخلاف الآخر، فقد قال فيه النسائي: ليس بالقوي. وقال غيره: كانت فيه غفلة. ولذلك قال فيه الحافظ:" صحيح الكتاب، صدوق يهم ". وقال في جعفر:" صدوق ". ولذلك فالحديث عندي معلول بالمخالفة، والأرجح أنه موقوف، وليس هو من الأحاديث التي يمكن القطع بأنها في حكم المرفوع، لاحتمال أن يكون ابن عباس تلقاها من مسلمة أهل الكتاب. والله أعلم.
ولعل الحافظ ابن حجر رحمه الله لواطلع على هذه الطريق الموقوفة، لانكشفت له العلة، وأعله بالوقف كما فعلت، ولأغناه ذلك عن استغرابه جدا، والله أعلم.
٦٥٧ - " من ترك أربع جمعات من غير عذر، فقد نبذ الإسلام وراء ظهره ".
ضعيف.
أخرجه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من مسموعاته "(ق ٣٤ / ١) من طريق شريك عن عوف الأعرابي عن سعيد بن أبي الحسن عن ابن عباس مرفوعا.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لأن شريكا هذا وهو ابن عبد الله القاضي ضعفوه لسوء حفظه.
لاسيما وقد خولف في لفظه ورفعه، فقال أبو يعلى في " مسنده "(٢ / ٧١٩) : حدثنا حميد بن مسعدة: أخبرنا سفيان بن حبيب عن عوف به موقفا على ابن عباس بلفظ:
" من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات، فقد نبذ.... " إلخ.
قلت: وهو إسناد صحيح كما قال المنذري (١ / ٢٦١) ، ورجاله ثقات رجال مسلم غير سفيان بن حبيب، وهو ثقة أخرج له البخاري في " الأدب المفرد " ومنه تعلم خطأ الهيثمي في إطلاقه قوله (٢ / ١٩٣) :
" ورجاله رجال الصحيح ". والحديث أورده الغزالي في " الإحياء "(١ / ١٦٠) مرفوعا بلفظ: " ثلاث "، فقال مخرجه الحافظ العراقي:" رواه البيهقي في " الشعب " من حديث ابن عباس ".
قلت: فهذا يدل بظاهره أنه مرفوع عند البيهقي فليراجع من استطاع إسناده في " شعب الإيمان "، فإنه لا يزال غالبه غير مطبوع حتى الآن. وقد أخرجه الشافعي في " مسنده "(رقم ٣٨١ - ترتيب السندي) : أخبرنا إبراهيم بن محمد: حدثني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل ". وفي بعض