قلت: فالعجب من السيوطي كيف يتعقب ابن الجوزي في الحديث السابق بمثل هذا الحديث الذي ضرب عليه الإمام أحمد، وراويه متهم. مع أنه يعلم أن مثله لا يفيد في الشواهد، وإنما يفيد فيها الراوي الصدوق الذي ضعف من قبله حفظه كما قرره هو في " التقريب شرح التدريب ". ومحمد بن هانيء لم أجد له ترجمة. وابنه خلاد ترجمه ابن عساكر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
فهذا هو الشاهد الأول الذي استشهد به السيوطي في " اللآليء " للحديث الذي قبله وقد عرفت وضعه، وأما الشاهد الآخر فهو:
٨٥٩ - " من احتكر طعاما أربعين يوما على المسلمين ثم تصدق به لم يكن له كفارة ".
موضوع.
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق محمد بن مروان السدي عن يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن علي رفعه.
قلت: ومحمد بن مروان كذاب كما قال ابن نمير وغيره، وأشار إلى ذلك البخاري بقوله:" سكتوا عنه ". وقال ابن معين:" ليس بثقة ". وقال ابن حبان (٢ / ٢٨١) : " كان محمد يروي الموضوعات عن الأثبات ".
قلت: وهذا الحديث أورده السيوطي في " اللآليء " مع الحديث الذي قبله شاهدا للحديث الذي قبلهما، وقد علمت من الحديث الذي قبله أن مثله لا ينفع في الشواهد، لشدة ضعفه.
على أن هذا الحديث لوثبت لا يصلح شاهدا، لأنه يقول:" لم يكن له كفارة ". وذاك يقول:" لم يقبله الله منه " وفرق واضح بين الأمرين، فإنه لا يلزم من عدم صلاحية العمل ليكون كفارة لجرم أو ذنب أن لا يقبل منه مطلقا، بل قد يقبل ويثاب عليه صاحبه ومع ذلك لا يصلح أن يكون كفارة لذلك الذنب.
وهذا بين إن شاء الله تعالى. ولما سبق من حال السدي والبالسي راوي الحديث الذي قبله تعقب ابن عراق في " تنزيه الشريعة "(٢ / ١٩٣) السيوطي في استشهاده بالحديثين بقوله: " إنهما لا يصلحان شاهدين ".