قيل: هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دما، وكالدهن الذي يشربه الجسم. والممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل دما ويتوزع على البدن.
الوجه السادس: ونجعل هذا وجها سادسا (الأصل خامسا) فنقيس الكحل والحقنة ونحوذلك على البخور والدهن ونحوذلك، لجامع ما يشتركان فيه، مع أن ذلك ليس مما يتغذى به البدن ويستحيل في المعدة دما. وهذا الوصف هو الذي أوجب أن لا تكون هذه الأمور مفطرة. وهذا موجود في محل النزاع ".
هذا كله من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع شيء من الاختصار، آثرت نقله على ما فيه من بسط وتطويل، لما فيه من الفوائد والتحقيقات التي لا توجد عند غيره، فجزاه الله خيرا.
ومنه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم، فهو بالنسبة إليه كالسواك يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء، خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي، ولذلك عنيت ببيان حال إسناده، ومخالفته للفقه الصحيح، والله الموفق.
ومما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر، وطال النزاع فيه. ألا وهو حكم الحقنة (الإبرة) في العضل أوالعرق، فالذي نرجحه أنه لا يفطر شيء من ذلك، إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض، فهذه وحدها هي التي تفطر والله أعلم.
١٠١٥ - " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى، ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له، حتى إذا زالت الشمس خطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جميعا، ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور ".