" التقريب "
إلى أن الصواب أنهم واحد كما قال ابن حبان، ويعكر عليه عندي أن ابن حصين
كنيته أبو سلامة، بينما القيسي الذي روى عن عمر كنيته أبو المهاجر، فلعلهما
اثنان، أحدهما عبد الله بن عميرة راوي هذا الحديث. والله أعلم.
وخلاصة القول: أن ابن عميرة هذا غير معروف عند أئمة الحديث، ولذلك فقول
الترمذي عقبه:
" حديث حسن غريب ".
ينبغي أن يعد من تساهله الذي عرف به، حتى قال الذهبي من أجل مثل هذا التساهل:
" ولذلك لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ".
وأما قول صاحب " تحفة الأحوذي " رحمه الله عقب قول الترمذي المذكور:
" وأخرجه أبو داود من ثلاث طرق، اثنتان منها قويتان ".
فوهم محض، فإنه لا طريق له إلا هذه الطريق المجهولة، كما صرح بذلك الذهبي
رحمه الله فيما تقدم.
ومثل ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموعة فتاواه " (٣/١٩٢) :
" هذا الحديث مع أنه رواه أهل السنن كأبي داود وابن ماجه والترمذي وغيرهم،
فهو مروي من طريقين مشهورين، فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر ".
لكن هناك في كلامه قرينة تدل على أنه لم يرد الطريقين إلى النبي صلى الله عليه
وسلم كما هو المتبادر من الإطلاق، وإنما أراد طريقين إلى الراوي عن ابن عميرة
، يفهم هذا من التخريج السابق وقوله بعدما تقدم:
" فقال (يعني بعض المعارضين به) : أليس مداره على ابن عميرة، وقد قال
البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف، فقلت: قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة
في كتاب " التوحيد " الذي اشترط فيه أنه لا يحتج به إلا بما نقله العدل عن
العدل موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: والإثبات مقدم على النفي،
والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا
عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد، كانت معرفته وإثباته
مقدما على نفي غيره، وعدم معرفته ".