الثالثة: أبو يوسف فيه ضعف من قبل حفظه، قال الفلاس:" صدوق كثير الخطأ " وضعفه البخاري وغيره ووثقه ابن حبان وغيره.
قلت: وقد تفرد بقوله في آخر الحديث: " وليس لمحتجر.... " فقد أخرجه يحيى بن آدم في " كتاب الخراج "(ص ٨٥، ٨٦، ٨٨) والبيهقي في سننه (٦ / ١٤٣) من طرق كثيرة عن ليث به مرسلا بدون هذه الزيادة، فهي منكرة.
وكذلك أخرجه الشافعي (٢ / ٢٠٤) والبيهقي عن سفيان الثوري عن ابن طاووس مرسلا. ووصله البيهقي عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا.
وقال:" تفرد به معاوية بن هشام مرفوعا موصولا ". قلت: ومعاوية فيه ضعف، والصواب في الحديث مرسل. ثم إن هذه الزيادة رواها أبو يوسف أيضا موقوفا على عمر رضي الله عنه فلعله الصواب. قال أبو يوسف: وحدثني محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم بن عبد الله. " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال على المنبر: " من
أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين " وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الأرض ما لا يعملون ". وهذا سند منقطع في موضعين، لكن رواه يحيى بن آدم (ص ٩٠) وأبو عبيد القاسم بن سلام (ص ٢٩٠) عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: كان الناس يحتجرون على عهد عمر رضي الله عنه فقال: من أحيا أرضا فهي له. قال يحيى: كأنه لم يحلها له بالتحجير حتى يحييها. وهذا سند صحيح إلى عمر، ولكن ليس فيه " وليس لمحتجر ... ".
لكن يظهر أن هذه الجملة ثابتة عن عمر، فقد رواها أبو يوسف عنه من طريق ثانية، ويحيى من طريق ثالثة، وهي
وإن كانت لا تخلومن ضعف فبعضها يقوي بعضا. وجملة القول: أن هذه الزيادة رفعها منكر، والصواب أنها من قول عمر، وأما الجملة الأولى من الحديث فضعيفة لإرسالها. وأما قوله:" من أحيا أرضا ميتة فهي له " فهي ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى عند أبي داود وغيره، وللبخاري معناه، وقد خرجتها في " الإرواء "(١٥٤٨) ، وبعضها في " الأحاديث الصحيحة " رقم (٥٦٨) من المجلد الثاني منه، وقد تم طبعه قريبا والحمد لله.
فائدة فقهية:
اعلم أن الإحياء غير التحجير، وقد بين الفرق بينهما يحيى بن آدم أحسن بيان فقال (ص ٩٠) : " وإحياء الأرض أن يستخرج فيها عينا أو قليبا أو يسوق إليها الماء، وهي أرض لم تزرع، ولم تكن في يد أحد قبله يزرعها أو يستخرجها حتى تصلح للزرع، فهذه لصاحبها أبدا، لا تخرج