أن " كل بدعة ضلالة " كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.
ب - وعلى افتراض صلاحية الاحتجاج به فإنه لا يعارض تلك النصوص لأمور: الأول:
أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق، ويؤيده استدلال ابن مسعود به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفة، وعليه فاللام في " المسلمون " ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد.
الثاني: سلمنا أنه للاستغراق ولكن ليس المراد به قطعا كل فرد من المسلمين، ولوكان جاهلا لا يفقه من العلم شيئا، فلابد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم، وهذا مما لا مفر لهم منه فيما أظن.
فإذا صح هذا فمن هم أهل العلم؟ وهل يدخل فيهم المقلدون الذين سدوا على أنفسهم باب الفقه عن الله ورسوله، وزعموا أن باب الاجتهاد قد أغلق؟ كلا ليس هؤلاء منهم وإليك البيان: قال الحافظ ابن عبد البر في " جامع العلم "(٢ / ٣٦ - ٣٧) : " حد العلم عند العلماء ما استيقنته وتبينته، وكل من استيقن شيئا وتبينه فقد علمه، وعلى هذا من لم يستيقن الشيء، وقال به تقليدا، فلم يعلمه، والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من صحة قوله، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ولا وجه القول ولا معناه ".
ولهذا قال السيوطي رحمه الله:" إن المقلد لا يسمى عالما " نقله السندي في حاشية ابن ماجة (١ / ٧) وأقره. وعلى هذا جرى غير واحد من المقلدة أنفسهم بل زاد بعضهم في الإفصاح عن هذه الحقيقة فسمى المقلد جاهلا فقال صاحب " الهداية " تعليقا على قول الحاشية: " ولا تصلح ولاية القاضي حتى ... يكون من أهل الاجتهاد " قال (٥ / ٤٥٦) من " فتح القدير ": " الصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية، فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا، خلافا للشافعي ".
قلت: فتأمل كيف سمى القاضي المقلد جاهلا، فإذا كان هذا شأنهم، وتلك منزلتهم في العلم باعترافهم أفلا تتعجب معي من بعض المعاصرين من هؤلاء المقلدة كيف أنهم يخرجون عن الحدود والقيود التي وضعوها بأيديهم وارتضوها مذهبا لأنفسهم، كيف يحاولون الانفكاك