أسماها:" كشف الأكنة عما قيل: إنه بدعة وهو سنة "؛ فحاول تقوية حديث ابن جدعان بلفظيه متجاهلاً أقوال الجارحين له، مقتصراً على من قال فيه:" صدوق"، ومنهم الترمذي، مع أن تمام كلامه يلتقي مع أقوال الجارحين له، فإنه قال:
" إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره ".
ولست بحاجة إلى سرد أقوال الجارحين له؛ فإنها معروفة عند المشتغلين بهذا الفن، فحسبي الآن أن أنقل قول الحافظ العسقلاني في " التقريب ":
"ضعيف ".
وأن أتبعه بتأكيد ضعفه بمخالفته للإمام الثقة الحجة التابعي الجليل الحافظ الزهري ومن تبعه من الثقات - كما تقدم -. فلست أدري هل [وعى] ذاك الجزائري هذه الحقيقة العلمية، أم هو التزبب قبل التحصرم؟! وله من مثل هذا
الشيء الكثير، فانظر على سبيل المثال الحديث المتقدم برقم (٥٧٠١) .
ولا يفوتني أن أذكر هنا أنه دلس على القراء، وأوهم أن الحافظ ابن كثير قوى هذا الحديث بنقله عنه أنه قال في " التفسير ":
" ولهذا الحديث شاهد في " الصحيح " من غير هذا الوجه - كما تقدم - ".
والحافظ يشير بقوله هذا (١/ ٥٤٢) إلى رواية البخاري التي كان ذكرها قبيل حديث الترجمة، وهو من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة التي أشرت إليها آنفاً، وليس فيها لفظ " دبر " ولا قوله: " بعدما سلم "، وإنما فيها دعاؤه صلى الله عليه وسلم على المشركين، فهذا فقط هو مقصود الحافظ، وأما سائره فمنكر - كما تقدم بيانه -، وهو
جلي ظاهر لا يخفى على من أوتي حظاً من هذا العلم، وكان بعيداً عن الهوى،