ولا غرابة في ذلك؛ فإنهم ممن تواترت الأدلة على أنهم جهلة لا علم عندهم إلا التقليد، وحتى هذا لا يحسنونه!
وإن مما يؤكد نكارة هذا الحديث أنه قد جاء عن عبد الله بن حوالة من نحو تسعة طرق ليس فيها غير " عليك بالشام "، وإلا الجملة الأخيرة منه:
" إن الله قد تكفل لي بالشام وأهله ".
فهي صحيحة؛ لثبوتها في بعضها، وقد أخرج خمسة منها الطبراني في " مسند الشاميين "، وهذه أرقامها:
(٢٩٢، ٣٣٧، ٥٧٠، ١٠٥٤، ١١٧٢، ١٩٧٥، ٢٥٤٠، ٣٥١٥) . وسائرها عند ابن عساكر (١/ ٦٨ - ٨١) .
وكذلك روي الحديث عن جمع آخر من الصحابة، ليس في أحاديثهم تلك النكارة، فانظرها إن شئت في" التاريخ "(١/ ٦٦ - ٦٨) ، (٨١ - ٩٩) .
(تنبيه) : عزا السيوطي حديث الترجمة في " الدرر المنثور"(٣/ ١١٢) لأحمد وابن عساكر، وذكر أحمد فيه خطأ؛ فليس هو عنده لا متناً ولا سنداً، وقد أخرجه في " مسنده " من ثلاثة طرق (٤/ ١١٠ و ٥/ ٣٣، ٢٨٨) إسناد الأول منها صحيح، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:
" عليك بالشام؛ فإنه خيرة الله من أرضه، يجتبي إليه خيرته من عباده، فإن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُرِكم كم، فإن الله قد توكل لي بالشام وأهله".
وهكذا رواه أبو داود، وهو مخرج في " صحيح أبي داود "(٢٢٤٤) ، و " تخريج فضائل الشام "(الحديث الثاني) .