غريب من حديث زياد والزهري، لم نكتبه إلا من هذا الوجه ". قلت: وسكت عليه السيوطي في " اللآلي " وأورده في " الجامع " من هذا الوجه، وإسناده مظلم، فإن من دون ابن عيينة لم أجد لهم ترجمة، غير عبد العظيم هذا فأورده الحافظ في " اللسان " وقال: " يغرب، من ثقات ابن حبان ".
قلت: فهو أو شيخه أو من دونه آفة هذا الحديث، فإن شطره الثاني منكر جدا، وقد سبق قول ابن القيم: " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب ". ثم ذكر أحاديث هذا أحدها.
وأما الجملة الأولى من الحديث، فقد وجدت لها طريقا أخرى، رواه الضياء في " المختارة " (٢٢٣ / ٢) من طريق تمام الرازي: حدثنا أبو عبد الرحمن ضحاك بن يزيد السكسكي بـ (بيت لهيا) : حدثنا محمد بن عبد الملك: حدثنا سفيان بن عيينة به مقتصرا على قوله " تخيرو النطفكم ".
قلت: وهذا سند ضعيف، الضحاك هذا مجهول الحال أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (٨ / ٢٣٠) وقال: " روى عن وزيرة بن محمد وأبي زرعة الدمشقي، روى عنه تمام بن محمد وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، مات سنة ٣٤٧ "، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وشيخه محمد بن عبد الملك لم أعرفه، ويحتمل أن يكون ابن أبي الشوارب الأموي البصري. والله أعلم. ولهذه الجملة شواهد لا تخلوأسانيدها من مقال، ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتحقيق القول فيها إن شاء الله، وهي على كل حال لا تبلغ أن تكون موضوعة (١) ، بخلاف الجملة الأخيرة " وإياكم والزنج ... " فإنها ظاهرة البطلان كسائر الأحاديث التي تقدمت بمعناها، وقد ذكر هذه الجملة ابن معين في " التاريخ والعلل " (٢٩ / ١) من حديث عائشة موقوفا عليها، ولعله أشبه فقال: " مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:.... " فذكره. ونحو هذه الزيادة في الضعف ما يرويه عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا بلفظ: " تخيرو النطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن، وأشباه أخواتهن ".
(١) بل هي صحيحة بمجموع طرقها، وقد جمعتها وخرجتها في " الصحيحة " (١٠٦٧) . اهـ.