أو أنه كان من غلاة الصوفية الذين لا يقيمون لنصوص الشريعة وزنا. أعاذنا الله من ذلك بمنه وكرمه.
ثم إن في الحديث علة أخرى وهي الانقطاع بين الأعمش وأنس، قال في " التهذيب ": " لم يثبت له منه سماع ". وابن السماك اسمه محمد بن صبيح ولا بأس به كما قال الدارقطني.
والحديث أورده السيوطي باللفظين كحديثين مستقلين! عزى الأول للحلية، والآخر للتاريخ، وقال المناوي فيه:" وفيه من لم أعرفه ". يعني الصوفية الثلاثة.
ثم قال في اللفظ الأول عطفا على رواية " الحلية " له: "
وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج عن دينار مولى أنس، وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأعلى من أبي نعيم وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه، والأمر بخلافه، فقد خرجه البخاري في " تاريخه " ولفظه: " من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره ".
وكذا الطبراني والخرائطي عن أنس يرفعه بسند قال الحافظ العراقي ضعيف. وأورده ابن الجوزي في (الموضوع) ".
قلت: طريق دينار هذه ليست لهذا الحديث بهذا اللفظ، بل هو من طريق الصوفية المتقدم، ولفظ حديث دينار:" من قضى لأخيه حاجة من حوائج الدنيا قضى الله له اثنتين وسبعين حاجة أسهلها المغفرة " فهذا حديث آخر وقد تقدم الكلام عليه في الحديث (٧٥٠) وليس هو عند أبي نعيم من هذا الوجه بل هو عند الخطيب كما سبق.
ثم إن ابن الجوزي لم يورد هذا الحديث في " الموضوع " وإنما أورد فيه الحديث المشار إليه آنفا برقم (٧٥٠) ، فتأمل كم في كلام المناوي من أخطاء. والعصمة لله وحده. وللحديث طريق آخر عن أنس، أخرجه البخاري في " التاريخ "(٤ / ٢ / ٤٣) وابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج "(٧٧ - ٧٨) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "(٢ / ٢٢٥) والخرائطي في " المكارم "(ص ١٧) والخطيب (٣ / ١١٤) عن بقية عن متوكل بن يحيى القنسريني عن حميد بن العلاء عنه مرفوعا. قلت: وهذا ساقط، وبقية وهو ابن الوليد مدلس وقد عنعنه.
والمتوكل هذا قال الأزدي:" حديثه ليس بالقائم ". وحميد بن العلاء قال الأزدي:" لا يصح حديثه ".
وكأنه يعني هذا.
ووجدت له شاهدا من حديث عبد الله بن عمر. أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه "(رقم ١٣٠ من نسختي) عن أبي مسلم محمد بن مخلد الرعيني:
حدثنا سعيد بن عبد الجبار عن محمد بن جابر عن خصيف بن عبد الرحمن عنه مرفوعا.