وحديث إجراء الخيل موضوع، وضعه بعض الزنادقة ليشنع على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل، فقبله بعض من لا عقل له ورواه، وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا.
قلت: وهذا الحديث الباطل من وضع محمد بن شجاع الثلجي الحنفي كما صرح به علماء الحديث، وقد قال ابن عدي في ترجمته (٣٧٦ / ١) : " كان يضع أحاديث في التشبيه ينسبه إلى أصحاب الحديث ليثلبهم به، روى عن حبان بن هلال - وهو ثقة - عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكر حديث الخيل هذا، ثم قال: مع أحاديث كثيرة وضعها من هذا النحو، فلا يجب أن يشتغل به لأنه ليس من أهل الرواية. حمله التعصب على أن وضع أحاديث ليثلب أهل الأثر بذلك ".
قلت: وهذا الحديث الباطل هو أول حديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال (١ / ١٠٥) : " موضوع اتهم به محمد بن شجاع، ولا يضع مثل هذا مسلم ".
قال السيوطي (١ / ٣) : " ولا عاقل ".
وقد أورده ابن الجوزي من طريق الحاكم: أنبأنا إسماعيل بن محمد الشعراني قال: أخبرت عن محمد بن شجاع الثلجي بإسناده الذي ذكره ابن عدي. وابن شجاع هذا اتفق أئمة الحديث على تركه، بل كذبه بعضهم كالساجي وغيره وعلمت آنفا اتهام ابن عدي له بالوضع. فمن عجائب تعصب الشيخ زاهد الكوثري على أهل الحديث انتصارا لأهل مذهبه أنه يبرئ ابن شجاع هذا من عهدة هذا الحديث ويتهم به حماد بن سلمة رحمه الله المتفق على جلالته وصدقه، والذي قال فيه بعضهم:" إذا رأيت الرجل يقع في حماد فاتهمه على الإسلام ".
انظر تعليقه على " السيف الصقيل "(ص ٩٦ - ٩٧) . وهو حين يبرئ ابن شجاع منه يحتج على ذلك بأن السند منقطع بينه وبين شيخ الحاكم: الشعراني، ثم سرعان ما يتناسى هذا حين يتهم به حماد بن سلمة مع أن الطريق هو هو! ثم هو يفتري على ابن عدي لأنه اتهم ابن شجاع هذا بوضع هذا الحديث وغيره فينسب إليه ما لم يقله فاسمع إليه حيث يقول في تعليقه على " تبيين كذب المفتري " لابن عساكر (ص ٣٧٠) : " ومن غريب التعدي ما يقوله ابن عدي أنه (يعني ابن شجاع) كان يضع الأحاديث ويدسها في كتب أهل الحديث ليفضحهم فيرونها بسلامة باطن ". فإن قوله:" ويدسها في كتب أهل الحديث " ليس من كلام ابن عدي كما يظهر لك