على مائة اسم وكذا وكذا اسما، قد جمعتهن في كتاب، وهو الذي أفسد كثيرا من حديثهم ". وهذه فائدة هامة من كلام الحافظ الخطيب أن أبا قيس هذا هو محمد بن سعيد المصلوب، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٤ / ٤٣٦) ، وكأن الذهبي لم يقف على كلامه حيث قال في الكنى من " الميزان ": " أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي، أظنه المصلوب، هالك ".
وأما الحافظ فجزم في " الكنى " من " التهذيب " و" التقريب " أنه المصلوب، وخفي هذا كله على السيوطي وبعضه على المناوي، فأما الأول فقد أورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي عن ثوبان وفيها أبو قيس كما سيأتي، فلوكان يظن على الأقل أنه محمد بن سعيد الكذاب لما استجاز إن شاء الله أن يرويه له، لعلمه بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ". وأما المناوي فقال في شرحه على الجامع ": " وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي، أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " فقال: كأنه المصلوب، متهم ".
فوقف المناوي عند ظن الذهبي، وهو المصلوب يقينا كما سبق. واعلم أن العلماء مطبقون على تكذيب هذا المصلوب، فقال أحمد:" حديثه حديث موضوع ".
وقال:" عمدا كان يضع ". وقال ابن حبان (٢ / ٢٤٧) : " كان يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح فيه ". وقال أبو أحمد الحاكم:" كان يضع الحديث، صلب على الزندقة ".
وقال ابن الجوزي (١ / ٤٧) : " والوضاعون خلق كثير فمن كبارهم وهب بن وهب القاضي، ومحمد بن السائب الكلبي، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب ... ". وحكاه السيوطي في " اللآليء "(٢ / ٤٧٣) وأقره. ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي في " ترجمة محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب من " الكامل " (ق ٢٩١ / ١) بسنده عنه عن عبادة بن نسي به وقال: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ".
وأما أبو مريم السكوني فأورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٤ / ٢ / ٤٣٦) وساق له هذا الحديث ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر الحافظ في " الإصابة " في ترجمة أبي مريم الفلسطيني: " وأبو مريم السكوني، آخر، تابعي معروف، يروي عن ثوبان، وعنه عبادة بن نسي، ذكره البخاري وغيره ".
وهكذا ذكره ابن حبان في " الثقات " (١ / ٢٧٣) ، فيبدو أنه مجهول الحال. وقد وجدت للحديث طريقا أخرى عن أبي مريم، رواه ابن عساكر (١٥ / ٢٨٦ / ١) عن محمد بن عبد الله بن نمران الذماري: أخبرنا أبو عمرو العنسي عن أبي مريم مولى السكوني