والحديث رواه البيهقي في " السنن الكبرى "(١ / ٤٠٨) من طريق ابن عدي، ثم قال عقبه:" هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي، وهو ضعيف، ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوفا ومرفوعا، ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن وابن المسيب وابن سيرين والنخعي ".
(تنبيه) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان: أحدهما أبو الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق "(٧٩ / ١) : " وقد حكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على النساء أذان ولا إقامة ".
وهذا لا نعرفه مرفوعا، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم والشعبي وسليمان بن يسار، وحكى عن عطاء أنه قال: يقمن ". قلت: فلم يعرفه ابن الجوزي مرفوعا، وقد روي كذلك كما سبق.
والآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على " المقنع "(١ / ٩٦) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد "! وهذا خطأ فاحش لا أدري منشأه، وهو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث ونشره على الناس، وخاصة إخواننا النجديين، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه الله تعالى، والعصمة لله وحده.
ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في (١٧ / ٩ / ١٣٨١) . و" النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة وحفاظهم، واسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه، ولد سنة ٢٥٣، وتوفي سنة ٣٤٨.
ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف "(٥٠٢٢) والبيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: فذكره موقوفا.
وهذا سند ضعيف مع وقفه، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر وهو ضعيف. وأما قول الشوكاني في " النيل "(٢ / ٢٧) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح. ولعله توهم أن العمري هذا هو المصغر، فإن ثقة وليس به، فإن اسمه عبيد الله، على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر، وليس كذلك كما عرفت. وقد روي عن ابن عمر خلافه، فقال أبو داود في " مسائله "(٢٩) : " سمعت أحمد سئل عن المرأة تؤذن وتقيم؟ قال: سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن وتقيم؟ قال: أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل؟! استفهام ".