للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أشكل عليك أمر فقف حتى تبينه، أو تكتب إلي فيه ". وهذا أجود إسنادا من الأول، ولا ذكر للرأي فيه ". قلت: كيف يكون أجود إسنادا من الأول وفيه محمد بن سعيد بن حسان وهو الدمشقي المصلوب؟! قال في " التقريب ": " قال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث، وقال أحمد: قتله المنصور على الزندقة وصلبه ". وقد سبق نحوه (ص ٢٤٤) عن غيره من الأئمة.

قلت: ولعله اشتبه على ابن القيم رحمه الله بمحمد بن سعيد بن حسان الحمصي، وليس به، فإنه متأخر عن المصلوب، ولم يذكروا له رواية عن ابن نسي، ولا في الرواة عنه يحيى بن سعيد الأموي، وإنما ذكروا ذلك في الأول، على أنه مجهول كما قال الحافظ، وأيضا فإن هذا ليس من رجال ابن ماجه، وإنما ذكروه تمييزا بينه وبين الأول. والحديث في " المقدمة " من سنن " ابن ماجه " (١ / ٢٨) ، وقال البوصيري في " الزوائد " (ق ٥ / ٢) : " هذا إسناد ضعيف، محمد بن سعيد هو المصلوب اتهم بوضع الحديث ".

على أن قول ابن القيم: " ولا ذكر للرأي فيه ". إنما هو بالنظر إلى لفظ رواية ابن ماجه، وإلا فقد أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " (١٦ / ٣١٠ / ١) من طريق المصلوب هذا بلفظ: " قال معاذ: يا رسول الله: أرأيت ما سئلت عنه مما لم أجده في كتاب الله ولم أسمعه منك؟ قال: اجتهد رأيك ".

ثم رواه ابن عساكر (١٦ / ٣١٠ / ٢) من طريق سليمان الشاذكوني: أخبرنا الهيثم بن عبد العفار عن سبرة بن معبد عن عبادة بن نسي به بلفظ: " اجتهد رأيك، فإن الله إذا علم منك الحق وفقك للحق ". والهيثم هذا قال ابن مهدي: " يضع الحديث ". والشاذكوني كذاب.

قلت: وأجاب ابن القيم عن العلة الثانية، وهي جهالة أصحاب معاذ بقوله في " إعلام الموقعين " (١ / ٢٤٣) : " وأصحاب معاذ وإن كانوا غير مسمين فلا يضره ذلك، لأنه يدل على شهرة الحديث، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى.... " أقول: فهذا جواب صحيح لو أن علة الحديث محصورة بهذه العلة، أما وهناك علتان أخريان قائمتان، فالحديث ضعيف على كل حال، ومن العجيب أن ابن القيم رحمه الله لم يتعرض للجواب عنهما مطلقا. فكأنه ذهل عنهما لانشغاله بالجواب عن هذه العلة والله أعلم.

ثم تبين لي أن ابن القيم اتبع في ذلك كله الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه " (١١٣ /

<<  <  ج: ص:  >  >>