" وحديث عمر إنما روي من حديث عبد الكريم بن أبي المخارق عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما فقال: " يا عمر لا تبل قائما ". فما بلت قائما بعده ". قال الترمذي:" وإنما رفع هذا الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أبو أيوب السختياني ". قلت: وقد أخرجه ابن ماجه (١ / ١٣٠) وتمام في " الفوائد "(ق ١٢٣ / ٢) والبيهقي في " السنن الكبرى "(١ / ١٠٢) عن عبد الرزاق حدثنا ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمية به. وعبد الكريم أبو أمية هو ابن أبي
المخارق، قال البوصيري في " الزوائد "(ق ٢٣ / ٢) : خبر عبيد الله بن عمر العمري الثقة المأمون المجمع على تثبته، ولا يغتر بتصحيح ابن حبان هذا الخبر، فإنه قال بعده: أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمعه من نافع.
وقد صح ظنه، فإن ابن جريج إنما سمعه من ابن المخارق كما ثبت من رواية ابن ماجه والحاكم في " المستدرك "، واعتذر عن تخريجه بأنه إنما أخرجه في المتابعات، وحديث عبيد الله العمري أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده ". قلت: ولم أعرف حديث عبيد الله الذي أشار إليه، و" المصنف " لا أطوله الآن، فإني
أكتب هذا وأنا في المدينة المنورة، وهو في المكتبة الظاهرية بدمشق، لكن الظاهر أنه يعني مثل حديث عبد الله بن دينار أنه رأى عبد الله بن عمر بال قائما. أخرجه البيهقي (١ / ١٠٢) وقال: " وهذا يضعف حديث عبد الكريم، وقد روينا البول قائما عن عمر وعلي وسهل بن سعد وأنس بن مالك ".
وإذا عرفت ضعف الحديث فلا شيء في البول قائما إذا أمن الرشاش، وقد قال الحافظ في " الفتح ": " ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء ". ثم وقفت على حديث عبيد الله العمري في " مصنف ابن أبي شيبة " (١ / ١٢٤ - طبع الهند) و" مسند البزار " (ص ٣١ - زوائده) ، فإذا هو لا يعارض حديث الترجمة - كما ادعى البوصيري - فإنه رواه عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: " ما بلت قائما منذ أسلمت ". وإسناده صحيح. فالأولى المعارضة بأثر عبد الله بن دينار المتقدم عن ابن عمر، على اعتبار أنه هو الذي روى الحديث عنه كما هو ظاهر، ثم بما روى ابن أبي شيبة أيضا قبيل الموضع المشار إلى صفحته آنفا من طريق أخرى عن زيد قال: " رأيت عمر بال قائما ". وزيد هو ابن وهب الكوفي وهو