للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

محمد البرتي (١) حدثنا عبد الله بن عون الخراز (٢) : حدثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا سند ظاهره الجودة، وقد اغتر به بعض الحنفية، فقال الحافظ مغلطاي: " لا بأس بسنده ".

ولا أدري كيف يقول ذلك مثل هذا الحافظ مع اشتهار الحديث في " الصحيحين " و" السنن الأربعة " و" المسانيد " عن مالك بإسناده المذكور عن ابن عمر برفع اليدين في الركوع أيضا، لاسيما وقد نبه على ذلك مخرجه البيهقي وشيخه الحاكم فقالا: " هذا باطل موضوع لا يجوز أن يذكر إلى على سبيل التعجب والقدح فيه، وقد روينا بالأسانيد الزاهرة عن مالك خلاف هذا ". نقلت هذا وسند الحديث وقول مغلطاي من " ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن ابن ماجه " للشيخ محمد عبد الرشيد النعماني (ص ٤٨ - ٤٩) وهو متعصب جدا للحنفية على أهل الحديث، ولا يعبأ بقواعدهم العلمية، ومما يدلك على هذا تعقبه لقول الحافظين المذكورين وحكمهما على الحديث بالبطلان، فقال: " قلت: تضعيف الحديث لا يثبت بمجرد الحكم، وإنما يثبت ببيان وجوه الطعن، وحديث ابن عمر هذا رجاله رجال الصحيح، فما أرى له ضعفا بعد ذلك، اللهم إلا أن يكون الراوي عن مالك مطعونا، لكن الأصل العدم، فهذا الحديث عندي صحيح لا محالة "!

قلت: هذا الكلام يدل على أحد شيئين: إما أن الرجل لا يعبأ بما هو مقرر عند المحدثين من القواعد، أو أنه جاهل بها، وغالب الظن أنه الأول، فمثله مما لا أظن يبلغ به الجهل إلى أن لا يعلم تعريف الحديث الصحيح عندهم، وهو " ما رواه عدل ضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معلا "، وإذا كان الأمر كذلك فقوله ".... لا يثبت بمجرد الحكم.... " جهل منه أو تجاهل بشرط من شروط الحديث الصحيح، وهو عدم الشذوذ وقد أشار الحاكم والبيهقي إلى أن الحديث لم يسلم من الشذوذ وذلك قولهما: " فقد روينا بالأسانيد الزاهرة عن مالك خلاف هذا ".

قلت: فالحاكم والبيهقي لم يحكما على الحديث بالبطلان بمجرد الدعوى كما زعم النعماني، بل قرنا ذلك بالدليل لمن يريد أن يفهم، وهو الشذوذ، على أن هناك أدلة أخرى تؤيد الحكم المذكور على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ولولم يكن ثمة دليل على بطلان الحديث إلا وروده في كتاب الإمام مالك " الموطأ " (١ / ٩٧) على خلاف هذا اللفظ لكفى، فكيف وقد رواه جمع كثير من المصنفين والرواة عن مالك على خلافه؟


(١) الأصل " البراني " والصواب ما أثبته وهو بكسر الباء الموحدة وسكون الراء ثم مثناة فوقية نسبة إلى (برت) قرية بنواحي بغداد.
(٢) الأصل " الخزار " والتصويب من " التقريب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>