رواه أحمد (٦ / ٣١٥) الطحاوي (١ / ١٨٠) وابن حبان في " صحيحه "(٦٢٣) عن يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة قالت: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم دخل بيتي فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليهما، فقال: فذكره.
وهذا سند ظاهره الصحة، ولكنه معلول، فقال ابن حزم في " المحلى " (٢ / ٢٧١) : " حديث منكر، لأنه ليس هو في كتب حماد بن سلمة، وأيضا فإنه منقطع لم يسمعه ذكوان من أم سلمة، برهان ذلك أن أبا الوليد الطيالسي روى هذا الخبر عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة أن " النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر فقلت: ما هاتان الركعتان؟ قال: كنت أصليهما بعد الظهر، وجاءني مال فشغلني، فصليتهما الآن "، فهذه هي الرواية المتصلة وليس فيها:" أفنقضيهما نحن؟ قال: لا "، فصح أن هذه الزيادة لم يسمعها ذكوان من أم سلمة، ولا ندري عمن أخذها، فسقطت ".
قلت: ورواية أبو الوليد عبد الملك بن إبراهيم التي علقها ابن حزم وصلها الطحاوي (١ / ١٧٨) . وتابع أب الوليد عبد الملك بن إبراهيم الجدي: حدثنا حماد بن سلمة به دون الزيادة. أخرجه البيهقي (٢ / ٤٧٥) . ونقل الحافظ في " التلخيص " (٧٠) عنه أنه ضعف الحديث بهذه الزيادة، ونص كلام البيهقي وهو في كتابه " المعرفة
" كما نقله صاحب " إعلام أهل العصر " (ص ٥٥) : " ومعلوم عند أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة دون هذه الزيادة، فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة، وعائشة حملته عن أم سلمة، ثم كانت ترويه مرة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وترسله أخرى، وكانت ترى مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، وكانت تحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثبتهما، قالت:" وكان إذا صلى صلاة أثبتها ". وقالت:" ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين عندي بعد العصر قط "، وكانت تروي أنه " كان يصليهما في بيوت نسائه ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما خفف عنهم " فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتهما، لا إلى أصل القضاء. هذا وطاووس يروي أنها قالت:" وهم عمر، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها ".
وكأنها لما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي هذا المذهب، ولوكان عندها ما يرو ون عنها في رواية ذكوان وغيره من الزيادة في حديث القضاء لما وقع هذا الاشتباه، فدل على خطأ تلك اللفظة، وقد روي عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل، وينهى عن الوصال ". وهذا يرجع إلى استدامته لهما لا أصل القضاء ". قلت: والتأويل فرع التصحيح، وحديث محمد بن عمرو هذا لا يصح إسناده كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله، فتنبه.