للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

على أن هذا اللفظ إسناده ضعيف أيضا، فإن فيه عندهم جميعا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي وهو المعروف بابن زبريق وهو ضعيف، قال أبو حاتم: " شيخ لا بأس به " وأثنى عليه ابن معين خيرا، وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقال محمد بن عوف: " ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب ".

لكن هذا اللفظ معناه صحيح، فإن له شاهدا من حديث وائل بن حجر بسند صحيح. وأما اللفظ الأول فلا أعرف ما يشهد له من السنة إلا ما رواه الشافعي في " مسنده " (١ / ٧٦) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: " كنت أسمع الأئمة وذكر ابن الزبير ومن بعده يقولون آمين، ويقول من خلفهم آمين، حتى أن للمسجد للجة ". سكت عليه الحافظ كما سبق قريبا، وفيه علتان: الأولى: ضعف مسلم بن خالد وهو الزنجي، قال الحافظ: صدوق، كثير الأوهام ".

الثانية: عنعنة ابن جريج، فإنه كان مدلسا، ولعله تلقاه عن خال بن أبي أنوف فقد رواه عن عطاء بلفظ: " أدركت مائتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد (يعني الحرام) إذا قال الإمام " ولا الضالين " رفعوا أصواتهم بآمين، (وفي رواية) : سمعت لهم رجة بآمين ". أخرجه ابن حبان في " الثقات " (٢ / ٧٤) والبيهقي (٢ / ٥٩) والرواية الأخرى له. وخالد هذا ترجمه ابن أبي حاتم (١ / ٢ / ٣٥٥ - ٣٥٦) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده ابن حبان في " الثقات " وفي ترجمته ساق له هذا الأثر، وتوثيق ابن حبان فيه تساهل معروف، ولذلك فإني غير مطمئن لصحة روايته، فإن كان ابن جريج أخذه عنه فالطريق واحدة، وإلا فلا ندري عمن تلقاه ابن جريج، ويبدو أن الإمام الشافعي نفسه لم يطمئن أيضا لصحة روايته هذه، فقد ذهب إلى خلافها، قال في " الأم " (١ / ٩٥) : " فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال آمين، ورفع بها صوته، ليقتدي به من كان خلفه، فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا بها ". فلوأن هذا الأثر ثابت عن أولئك الصحابة عند الشافعي لما أحب خلاف فعلهم إن شاء الله ولذلك فالأقرب إلى الصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي أن يجهر الإمام دون المؤتمين. والله أعلم.

ثم رأيت البخاري قد علق أثر ابن الزبير المذكور بصيغة الجزم، فقال الحافظ في " الفتح " (٢ / ٢٠٨) : " وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء، قال ويعني ابن جريج، قلت له: أكان

<<  <  ج: ص:  >  >>