سهل الساعدي قال:" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستطابة فقال ... ". وقال الدارقطني:" إسناده حسن ". وأقره البيهقي وتبعهما ابن القيم فقال في " إعلام الموقعين "(٣ / ٤٨٧) : " حديث حسن ".
قلت: وفي ذلك نظر عندي، فإن أبيا هذا وقد تفرد بهذا الحديث مجروح، ولم يوثقه أحد، بل كل من عرف كلامه فيه ضعفه، فقال ابن معين:" ضعيف ". وقال أحمد:" منكر الحديث ". وقال البخاري:" ليس بالقوي ". كذا قال النسائي، وقال العقيلي:" له أحاديث لا يتابع على شيء منها: (حجران للصفحتين وحجر للمسربة) ". وأورده ابن أبي حاتم (١ / ١ / ٢٩٠) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وأما قول الذهبي في " الميزان ": " قلت: أبي وإن لم يكن بالثبت فهو حسن الحديث ". فهذا مما لا وجه له عندي بعد ثبوت تضعيفه ممن ذكرنا من الأئمة، ولعله استأنس بتخريج البخاري له، ولا مستأنس له فيه، بعد تصريح البخاري نفسه بأنه ليس بالقوي، لاسيما وهو لم يخرج له إلا حديثا واحدا ليس فيه تحريم ولا تحليل، ولا كبير شيء، وإنما هو في ذكر خيل النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس يقال له اللحيف ". ومع ذلك فلم يتفرد به بل تابعه أخوه عبد المهيمن بن عباس عند ابن منده كما ذكر الحافظ في " الفتح " (٦ / ٤٤ - ٤٥) ، وكأن الذهبي تراجع عن ذلك حين أورد أبيا هذا في " الضعفاء " وقال: " ضعفه ابن معين وقال أحمد: منكر الحديث "، وقال الحافظ في " التقريب ": " فيه ضعف، ماله في البخاري غير حديث واحد ".
(تنبيه) وقع للصنعاني في " سبل السلام " (١ / ١٧٧) وهم عجيب حول هذا الحديث فقال في شرح حديث سلمان في النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار: " وقد ورد كيفية استعمال الثلاثة في حديث ابن عباس: حجران للصفحتين وحجر للمسربة - وهي بسين مهملة وراء مضمومة أو مفتوحة مجرى الحدث من الدبر ". فتصحف عليه " أبي بن عباس " بـ " ابن عباس "! ثم سقط عنه باقي السند وأنهم من مسند سهيل بن سعد الساعدي! ثم إنه جزم بورود الحديث، وليس بجيد، والظاهر أنه قلد الدارقطني أو غيره فقد رأيت الحديث - بعد كتابة ما تقدم - في " تلخيص الحبير " (ص ٤١) : " قال المصنف - يعني الرافعي - هو حديث ثابت رواه الدارقطني وحسنه والبيهقي والعقيلي في " الضعفاء " من رواية أبي بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قال الحازمي: لا يروى إلا من هذا الوجه، وقال العقيلي: لا يتابع على