وإذا عرفت ما تقدم فقول الحافظ الهيثمي في " المجمع "(٦ / ٢٤) : " رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح ". فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه! ولعل السيوطي اغتر بهذا حين قال في " الخصائص الكبرى "(٢ / ٢٨١) : " سنده صحيح ".
ولهذا فإني أقول: إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد البزار حين قال عنه في " تخريج الإحياء "(٤ / ١٢٨) : " ورجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم، ووثقه ابن معين والنسائي، فقد ضعفه بعضهم ". قلت: وأما قوله هو أو ابنه في " طرح التثريب في شرح التقريب "(٣ / ٢٩٧) : " إسناده جيد ". فهو غير جيد عندي، وكان يكون ذلك لولا مخالفة عبد المجيد للثقات على ما سبق بيانه، فهي علة الحديث، وإن كنت لم أجد من نبه عليها، أولفت النظر إليها، إلا أن يكون الحافظ بن كثير في كلمته التي نقلتها عن كتابه " البداية "، والله أعلم.
نعم، قد صح إسناد هذا الحديث عن بكر بن عبد الله المزني مرسلا، وله عنه ثلاث طرق:
الأولى عن غالب القطان عنه. أخرجه إسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "(رقم ٢٥ بتحقيقي) وابن سعد في " الطبقات "(٢ / ٢ / ٢) . ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
الثانية: عن كثير أبي الفضل عنه. أخرجه إسماعيل أيضا (رقم ٢٦) ، ورجاله ثقات رجال مسلم غير كثير، واسم أبيه يسار وهو معروف كما بينه الحافظ في " اللسان " ردا على قول ابن القطان فيه: " حاله غير معروفة ".
الثالثة: عن جسر بن فرقد عنه. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده "(٢٣٠ من بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث) ، وجسر ضعيف. قلت:
فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولا عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن بكر، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقا إياه بحديثه الأول عنه. والله أعلم. وقد وقفت عليه من حديث أنس، وله عنه طريقان: الأولى: عن أبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري: حدثنا خراش عن أنس مرفوعا مختصرا نحوه وفيه " تعرض علي أعمالكم عشية الاثنين والخميس ". أخرجه ابن عدي (١٢٤ / ٢) وأبو منصور الجرباذقاني في " الثاني من عروس الأجزاء "