" إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره. قلت وهذا إسناد ضعيف وله علتان: الأولى: عنعنة أبي الزبير فقد كان مدلسا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، إلا أنه يدلس ". وقال الذهبي في " الميزان ": " وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء ". قلت: ثم ذكر لذلك بعض الأمثلة، وهذا منها عندي. الثانية: ضعف عياض بن عبد الله وهو ابن عبد الرحمن الفهري المدني، وقد اختلفوا فيه فقال البخاري:" منكر الحديث ".
وهذا منه إشارة إلى أنه شديد الضعف كما هو معروف عنه، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان
في " الثقات ". وقال الساجي:" روى عنه ابن وهب أحاديث فيها نظر ". قلت: وهذا من روايته عنه كما ترى، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال ابن شاهين في " الثقات ": وقال أبو صالح: ثبت، له بالمدينة شأن كبير في حديثه شيء ". قلت: ولخص هذه النقول الحافظ في " التقريب " بقوله: " فيه لين "، وأشار الذهبي في " الميزان " إلى تضعيف قول من وثقه بقوله في ترجمته: " وثق! وقال أبو حاتم، ليس بالقوي ".
ولذلك أورده في " كتاب الضعفاء " وحكى فيه قول أبي حاتم المذكور، وبالجملة، فالرجل ضعيف لا يحتج به إذا انفرد ولو لم يخالف، فكيف وقد خالفه من مثله في الضعف فرواه موقوفا على عائشة، ألا وهو أشعث بن سوار فقال: عن أبي الزبير به عن عائشة قالت: " فعلناه مرة فاغتسلنا، يعني الذي يجامع ولا ينزل ". أخرجه أحمد (٦ / ٦٨ / ١١٠) وأبو يعلى (٢٢٣ / ٢) .
وأشعث هذا ضعيف كما في " التقريب ". وأخرج له مسلم متابعة، فروايته أرجح عندي من رواية عياض، لأن لها شاهدا من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها " أنها سئلت عن الرجل يجامع ولا ينزل؟ فقالت: فعلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا منه جميعا ". أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (٢٣٣ / ١) وابن الجارود في " المنتقى " (رقم ٩٣) وغيره بسند صحيح كما بينته في زوائده على " الصحيحين " برقم (٥٤) الذي أنا في صدد تأليفه، أرجوالله أن يسهل لي إتمامه. قلت: فهذا هو اللائق بهذا الحديث أن يكون موقوفا، وأما رفعه فلا يصح، والله أعلم.