غيره من المُتَساهلين أو المقَلّدين والجاهلين على الحديثِ بالضعفِ المطلق غير مقرونٍ ببيان شدّة الضعفِ، وُيرَتّب عليه جواز العمل به في الفضائل، وهو في الواقع واهٍ شديدُ الضعف، لا يجوز العمل به اتفاقاً.
والآخر: أن الشرط الأول الذي تقدّم ذِكْرُهُ عن الغُماري يستلزم أمرين اثنين:
بيانَ ضعفه، وأنه ليس شديد الضعف.
وبيان ذلك أن الغُماري إذا ذكر حديثاً ما وهو يعلم- فَرَضاً- أنه ضعيفٌ، وسكت عنه، ولكنْ من أين للقُرَّاء أن يعرفوا ضعفه عنده، وقد كتمه
عنهم؟! فهم- والحالةُ هذه- سيعملون به ظانّين أنه ثابتٌ لسكوته عليه، كما هو واقعٌ معروفٌ من عامة الناس، فلهذا يجبُ بيأنهُ، تفريقاً بين الضعيف
والقوي اعتقاداً وعملاً، وهذا ما صرّح به الحافظ ابن حَجَر عقب الشرط الأول، فقال في "تبيين العَجَب بما ورد في فضل رَجَب "(ص ٢١) :
"وينبغي مع ذلك اشتراطُ أن يعتقد العاملُ كونَ ذلك الحديث ضعيفاً، وأن لا يُشهر ذلك، لئلا يعمل المرءُ بحديث ضعيف، فَيُشَرِّعُ ما ليس بشرع،
أو يراه بعض الجهال فيظنّ أنه سنةٌ صحيحةٌ، وقد صرّح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد بن عبد السلام وغيره، وليحذر المرء من دخوله تحت قوله – صلى الله عليه وسلم -:
"من حدّث عني بحديث يُرَى أنه كذبٌ فهو أحدُ الكَذَّابين "، فكيف بمن عمل به؟! ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل، إذ الكل شرع ".
قلت: وهذا الشرط مما تعمّد الغُماري طيَّه وكتمانَه أيضاً عن قُرَّائه، لأنه يعلم أنه يُدان به أكثر من الشرطين السابقين، وُيؤكّد ما قلتُ من وجوب بيان ضعف الحديث حتى لا يعمل به كما لو كان ثابتاً.