للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأقول: تأمّل أيها القارئ كيف يُعَمّي الأمر على القراء، فَيُطلق - القاعدة ولا يُبَيِّنها، تدليساً عليهم، وإيهاماً لهم بأنّه متمسِّكٌ بالقاعدة المقررة في علم المصطلح، وينسب الحافظ الذهبي إلى التعنُّت وُيلحق به الحافظ العسقلاني في الغفلة!! ولا يشكّ أحدٌ أنهما أعلم منه وأتقى، وأبعد عن اتِّباع الهوى الذي ابْتُلي به هذا الغُماري المسكين في كثير من كتاباته وبخاصة ما كان منها في انتقاده للآخرين. وبيان ذلك هنا من وجهين:

الأول: أنّ الحاكم لم يجزم بأنّ الراسبيَّ هذا صدوق، وإنما قال:

أرجو؛ وفرقٌ واضحٌ بين الأمرين.

والآخر: هَبْ أنه جزم بأنه صدوق، فما قيمة قوله وهو معروف عند العلماء بأنه من المتساهلين (١) ، ولا سيما إذا لم يَعْتَدّ بقولهِ الحُفَّاظُ الذين جاؤوا من بعده واستدركوا عليه كالذهبي وغيره، وقد ذكر اللكنويُّ رحمه الله في "الأجوبة" (١٦١) : أنه إذا تعارض قولُ الحاكم مع الذهبي، رُجِّح قول الذهبي، لأن الأول متساهلٌ والثاني غير متساهل. فالحديث الذي حكم الحاكم بكونه صحيح الِإسناد. وحكم الذهبي بكونه ضعيفَ الإِسناد؛ يُرَجَّحُ فيه قولُ الذهبي على قول الحاكم، وكم من حديثٍ حكم عليه الحاكمُ بالصحة وتعقّبه الذهبي بكونه ضعيفاً أو موضوعا ... إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.

وأقول: هذا إذا كان الذهبيُّ وحده مخالِفاً للحاكم، فكيف إذا كان معه الحافظُ ابن حجر كما هو الشأنُ هنا. فسقط بذلك تشبُّثُ الغُماري بالحاكم.

فإن قيل: ما هي القاعدة المُقَرّرَةُ التي اعتمد عليها الغُماري في رده


(١) انظر "الأجوبة الفاضلة" لأبي الحسنات اللكنوي (ص٨٠ - ٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>