قلت: وإسناد هذا الموقوف جيد، رجاله كلهم ثقات معروفون، غير أحمد بن داود هذا وهو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار " عن " المغاني ".
والحديث قال الحافظ في " الفتح "(٤/٣٤٥) :
" رواه البيهقي، ورجاله ثقات، إلا أنه أعل بالإرسال، وأخرج له الطحاوي شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته ".
ونقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار "(٥/٢٨٣) ولكنه - كما هي عادته - لم يعزه إلى الحافظ! وكذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية "(٢/١٢٧) إلا أنه وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به ". بدل " لا بأس برواته " وشتان ما بين العبارتين، فإن الأولى نص في تقوية الإسناد، بخلاف الأخرى، فإنها نص في تقوية رواته، ولا تلازم بين الأمرين، كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح الحديث، وذلك لأن للحديث، أوالإسناد الصحيح شروطا أربعة: عدالة الرواة وضبطهم، واتصاله، وسلامته من شذوذ أوعلة، فإذا قال المحدث في سند ما:
" رجاله لا بأس بهم " أوثقات " أو" رجال الصحيح "، ونحو ذلك، فهو نص في تحقق الشرط الأول فيه، وأما الشروط الأخرى فمسكوت عنها، وإنما يفعل ذلك بعض المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه، أو لعلمه بتخلف أحدها، مثل السلامة من الانقطاع أوالتدليس أونحوذلك من العلل المانعة من إطلاق القول بصحته (١) ، وهذا هو حال إسناد هذا الشاهد، فإن فيه علة لا تسمح بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا، فإنه عند الطحاوي (٢/٣٦٩) من طريق يوسف بن عدي قال: حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال:
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء ".
فأول علة تبدو للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج، فإنه كان يدلس بشهادة غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، بل قال الدارقطني: " تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس