عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت: كان عمر إذا مشى أسرع.
ولعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم متباطئا متماوتا كأن به مرضا! وهذه الصفة ليست مرادة قطعا بقوله تعالى:
{وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هو نا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها: هو نا: أي بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار، كقوله تعالى:{ولا تمش في الأرض مرحا} ، فأما
هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار ولا مرح ولا أشر ولا بطر.
وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، فقد كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب وكأنما تطوى الأرض له، وقد كره بعض السلف المشي بتضعف، حتى روى عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا، فقال: ما بالك أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فعلاه بالدرة وأمره أن يمشي
بقوة، وإنما المراد بالهو ن هنا: السكينة والوقار.
وقد روى الإمام أحمد (رقم ٣٠٣٤) من حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل، ورواه البزار (٢٣٩١ - زوائده) وسنده صحيح، وله شاهد عن سيار أبي الحكم مرسلا، رواه ابن سعد (١ / ٣٧٩) .