والثانية: ضعف هارون أبي قزعة، ضعفه يعقوب بن شيبة، وذكره العقيلي والساجي وابن الجارود في " الضعفاء "، وقال البخاري: لا يتابع عليه.
ثم ساق له هذا الحديث، لكنه لم يذكر فيه حاطبا، فهو مرسل، وقد أشار إلى ذلك الأزدي بقوله:
هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل.
قلت: فهذه علة ثالثة، وهي الاختلاف والاضطراب على هارون في إسناده (١) ، فبعضهم يوصله، وبعضهم يرسله، وقد اضطرب في متنه أيضا، وبين ذلك كله الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي "(ص ١٠٠) ، فليرجع إليه من شاء التفصيل، وبالجملة فالحديث واهي الإسناد، وقد روي بإسناد آخر مثله في الضعف أوأشد من حديث ابن عمر، وسبق الكلام عليه مفصلا برقم (٤٧) ، واختلف حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا، على عجرهما وبجرهما! فقال شيخ الإسلام:
أجودهما حديث ابن عمر، وقال الذهبي: أجودهما حديث حاطب هذا، وعزاه لابن عساكر كما في " المقاصد "(٤١٣) ، وإذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر، وتأملت ما فيهما من العلل، تبين لك أن الصواب قول الذهبي، لأن هذا الحديث ليس فيه متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر؛ فإن فيه من اتهم بالكذب ووضع الحديث، كما بينته هناك، وإذا عرفت هذا، فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر المشار إليه، ونقله عن ابن خزيمة والبيهقي أنهما ضعفاه:
(١) كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت، اضطربوا أيضا في ضبط اسم راويه هارون أبي قزعة، فقيل فيه هكذا، وقيل: هارون بن قزعة، وقيل: هارون بن أبي قزعة، كما في التعليق المغني، قول: ولعل الصواب الوجه الأول، فقد قال ابن عدي في " الكامل " (٧/٢٥٨٨) : وهارون أبو قزعة لم ينسب. اهـ.