تلميذه إبراهيم الناجي في نقده لكتاب " الترغيب "، المسمى بـ " العجالة المتيسرة "(ص ٣٠) ، وهو الظاهر مما ذكره الحافظ من الطرق، ومن المعنى الذي سبق في كلام ابن تيمية.
ومن الطرق المشار إليها ما روى يحيى بن أيوب البجلي عن أبي زرعة قال:
دخلت على أبي هريرة وهو يتوضأ إلى منكبيه، وإلى ركبتيه، فقلت له: ألا تكتفي بما فرض الله عليك من هذا؟ قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مبلغ الحلية مبلغ الوضوء، فأحببت أن يزيدني في حليتي.
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف "(١/٤٠) وعلقه أبو عوانة في " صحيحه "(١/٢٤٣) ، وإسناده جيد، وله طريق أخرى عند مسلم وغيره عن أبي حازم قال:
كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ! أنتم ههنا؟ لو علمت أنكم ههنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء.
قلت: فليس هذه الطريق تلك الجملة " فمن استطاع ... " ولوكانت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأوردها أبو هريرة محتجا بها على أبي زرعة وأبي حازم اللذين أظهرا له ارتيابهما من مد يده إلى إبطه، ولما كان به حاجة إلى أن يلجأ إلى الاستنباط الذي قد يخطيء وقد يصيب، ثم هو لوكان صوابا لم يكن في الإقناع في قوة النص كما هو ظاهر، فإن قيل: فقد احتج أبو هريرة رضي الله عنه بالنص في بعض الطرق المتقدمة وذلك قوله عقب الوضوء: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليهوسلم يتوضأ.
والجواب: أن هذه الطريق ليس فيها ذكر الإبط، وغاية ما فيها أنه أشرع في العضد والساق، وهذا من إسباغ الوضوء المشروع، وليس زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم، بخلاف الغسل إلى الإبط والمنكب، فإن من المقطوع به أنه زيادة على وضوئه صلى الله عليه وسلم لعدم ورود ذلك عنه في حديث مرفوع، بل روي من طرق عن غير واحد من الصحابة ما يشهد