حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل، فقال له جبريل، فقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقا، فيسكن
لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل، فيقول له مثل ذلك.
وابن أبي السري هو محمد بن المتوكل وهو ضعيف حتى اتهمه بعضهم، وقد خولف في إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده "(٦/٢٣٢ - ٢٣٣) : حدثنا عبد الرزاق به.
إلا أنه قال:
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه.. إلخ، فزاد هنا في قصة التردي قوله:
" فيما بلغنا ".
وهكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه "(١٢/٣١١ - ٣١٧) منطريق عبد الله بن محمد وهو أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرزاق به بهذه الزيادة، وأخرجه مسلم (١/٩٧ - ٩٨) من طريق محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق به، إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه عنده قصة التردي مطلقا، وهذه الرواية عند البخاري أيضا في " التفسير "(٨/٥٤٩ ـ ٥٥٤) ليس فيها القصة، فعزوالحافظ ابن كثير في تفسيره الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين، نعم قد جاءت القصة في الرواية
المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه "(١/١١٠ - ١١١) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد به، وفيه قوله:
" فيما بلغنا "، فهذه الرواية مثل رواية أحمد وابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله:" فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، وهي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة المذكورة أعلاه، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر، وفاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة، قال: