ومثله سليمان التيمي، فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل اختلاطه ليس لازما لكل من كان علاي الطبقة، كما أن العكس؛ وهو عدم السماع؛ ليس لازما لمن كان نازل الطبقة، وإنما الأمر يعود إلى معرفة واقع الراوي هل سمع منه قديما أم لا، خلافا لما توهمه المعلق المشار إليه.
ومما يؤيد ذلك أن بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط وبعده ومن هؤلاء حماد بن سلمة، فإنه سمع من عطاء في الحالتين كما استظهره الحافظ في " التهذيب "، ولذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين المعاصرين، والله يغفر لنا وله.
وأما ما نقله ذلك المعلق عن ابن حبان، فهو رأي لابن حبان خاصة دون سائر الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، والذين سمعوا منه بعده، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه، وإلا كان ذلك حرصا لا طائل تحته، إذا كان حديثه كله صحيحا، أضف إلى ذلك أن في " المصطلح " نوعا خاصا من علوم الحديث وهو " معرفة من اختلط في آخر عمره " وقد ذكروا منهم جماعة أحدهم عطاء وقالوا فيهم:
فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم، ومن سمع بعد ذلك أوشك في ذلك لم تقبل (١) .
والحديث رواه الطبراني أيضا في " الأوسط "(١٦٧٨، ١٦٧٩) وكذا في " حديثه عن النسائي "(ق ٣١٤/٢) بسنده هذا، ولكنه فصل بين الشطر الأول منه والآخر، جعلهما حديثين ثم قال:
لم يروهذين الحديثين عن عطاء بن السائب إلا ورقاء، ولا ورقاء إلا سيف تفرد به أبو بريد.
وعمرو بن يزيد أبو بريد: صدوق، ومثله سيف بن عبيد الله إلا إنه ربما خالف، كما في " التقريب ".
(١) اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير (ص ٢٧٤) . اهـ.