قلت: وممن ضعفه الحاكم فقال: حديثه عن أنس مناكير أكثرها.
قلت: فأنى لحديثه هذا الحسن وهو عن أنس، وقد تفرد به كما يشير إلى ذلك الترمذي نفسه، لا سيما وقد روي الحديث عن أبي أمامة ومعاذ بن جبل بسندين يقوي أحدهما الآخر بلفظ مغاير لهذا الحديث في فقرته الأولى والثانية، مما يدل على أن سلمة قد انقلب عليه الحديث، فراجع بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " (رقم - ٢٧٣) .
ومن المهم هنا التنبيه على أوهام وقعت للحافظ المنذري في هذا الحديث فقال في " الترغيب "(١/٨٠) :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بني له في وسطها.. " رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وابن ماجه والبيهقي، وقال الترمذي: حديث حسن.
والأوهام التي فيه:
أولا: أن الحديث بهذا السياق ليس من حديث أبي أمامة، وإنما من حديث أنس.
ثانيا: أنه ليس عند أبي داود من حديث أنس، وإنما من حديث أبي أمامة، وقد ذكره المنذري في مكان آخر من كتابه (٣/٢٥٧ - ٢٥٨) على الصواب.
ثالثا: ليس في حديث أنس ذكر " المراء " في الفقرة الأولى منه، بل فيه " الكذب "، وإنما هو في الفقرة الثانية منه كما رأيت، بخلاف حديث أبي أمامة فهو على العكس من ذلك بلفظ:
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وبيت في وسط