وهو قد استدل به لما جاء في " الهداية " على المذهب الحنفي:
" ولا يرد السلام بلسانه، ولا بيده لأنه كلام معنى، حتى لو صافح بنية التسليم تبطل صلاته ".
وهذا مع أنه لا دليل عليه سوى هذا الحديث، وقد تبين ضعفه، فإنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، ولذلك فهو حديث منكر، وفي كلام ابن أبي داود السابق إشارة إلى ذلك. ولهذا قال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " عقبه (رقم ١٣٧٠) :
" والصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم وغيره ".
يعني من حديث جابر في رد السلام إشارة، وهو مخرج في " صحيح أبي داود "(٨٥٩) وحديث أنس المشار إليه آنفا هو فيه برقم (٨٧١) .
ولا يدل لهذا المذهب حديث أبي داود مرفوعا:
" لا غرار في صلاة ولا تسليم ".
لما ذكرته في تخريجه في " الأحاديث الصحيحة "(رقم ٣١١) ، وقد ذكرت فيه حديث ابن عمر في إشارته صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فراجعه إن شئت.
وأما مصافحة المصلي، فهي وإن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت، فلا دليل على بطلان الصلاة، لأنها عمل قليل، لا سيما وقد فعلها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه، فقال عطاء بن أبي رباح:
" أن رجلا سلم على ابن عباس، وهو في الصلاة، فأخذ بيده، وصافحه وغمز يده ".
أخرجه ابن أبي شيبة (١/١٩٣/٢) والبيهقي في " سننه "(٢/٢٥٩) بإسنادين عن عطاء أحدهما صحيح، والآخر رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن فيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت.
وليس كل عمل في الصلاة يبطلها، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت:
" جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى [عن يمينه