ثم إن الآية المتقدمة " وأيده بجنود لم تروها " فيها ما يؤكد ضعف الحديث، لأنها صريحة بأن النصر والتأييد إنما كان بجنود لا ترى، والحديث يثبت أن نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت، وهو مما يرى، فتأمل.
والأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة، وليس العنكبوت ولا الحمامتين، ولذلك قال البغوي في " تفسيره "(٤/١٧٤) للآية:
" وهم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته ".
وقد جاء في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى، وهو ما أخرج أبو نعيم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها:
" أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار، فقال: يا رسول الله إنه لرائينا، قال: كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها، فلم ينشب الرجل أن قعد يبول مستقبلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر لوكان يراك ما فعل هذا ".
وأخرجه الطبراني مطولا في قصة الهجرة، وقال الهيثمي (٦/٥٤) :
" رواه الطبراني وفيه يعقوب هذا أنه حسن الحديث، وقال الحافظ فيه:
" صدوق، ربما وهم ".
فإذا لم يكن في الإسناد علة أخرى فهو حسن، ولكني لا أستطيع الجزم بذلك لأن الهيثمي رحمه الله قد عهدنا منه السكوت في كثير من الأحيان عن العلة في الحديث مثل الانقطاع والتدليس ونحوذلك، ولذلك نراه نادرا ما يقول: إسناد صحيح، أو: إسناد حسن، وإنما يقول: رجاله ثقات، أوموثقون. أو: فيه فلان وهو ضعيف، أو: مختلف فيه ونحوذلك. ولذلك فلا ينبغي للعارف بهذا العلم أن يصحح أويحسن بناء على مثل تلك العبارات منه. فإذا يسر الله لنا الوقوف على إسناد الطبراني أوأبي نعيم استطعنا الحكم على الحديث بما يستحقه من رتبة. والله الموفق.
ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " للطبراني (٢٤/١٠٦/٢٨٤) فتبين أنه