مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبي هريرة مرفوعا وقال:
" لم يروه عن إبراهيم إلا عمرو ".
قلت: وهو صدوق له أوهام، لكن شيخه إبراهيم بن المهاجر وهو ابن جابر البجلي
صدوق لين الحفظ، فهو علة الحديث.
وأما إعلال الهيثمي للحديث بقوله (٦/٢٥٧) :
" وفيه الحسين بن إدريس وهو ضعيف ".
فلا وجه له، لأن الحسين هذا وثقه الدارقطني وأخرج له ابن حبان في " صحيحه "
وكان من الحفاظ كما قال ابن ماكولا، وغاية ما جرح به قول ابن أبي حاتم فيه:
" كتب إلي بجزء من حديثه، فأول حديث منه باطل، والثاني باطل، والثالث
ذكرته لعلي بن الجنيد فقال: أحلف بالطلاق أنه حديث ليس له أصل، وكذا هو عندي
فلا أدري البلاء منه أومن خالد بن هياج ".
فقد تردد ابن أبي حاتم في اتهام الرجل بهذه البواطيل فينبغي التوقف عن الجزم
بأنه المتهم، حتى يأتي البيان وقد وجدنا الحافظ ابن عساكر قال:
" البلاء في الأحاديث المذكورة من خالد بلا شك ".
ومما يؤكد أن الحسين بن إدريس بريء العهدة من هذا الحديث أنه لم يتفرد به كما
يشعر بذلك قول الطبراني المتقدم، وقال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند "
(ق ١٨٩/٢) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد الرازي: حدثنا عمرو بن أبي قيس به.
وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (٣/١١١) ، وقال - وتبعه السيوطي في "
اللآلىء " - ٢/١٩٣) :
" لا يصح، إبراهيم بن مهاجر ضعيف، قال الدارقطني: اختلف على مجاهد في هذا
الحديث على عشرة أوجه، فتارة يروى عن مجاهد عن أبي هريرة، وتارة عن مجاهد عن
ابن عمر، وتارة عن مجاهد عن ابن أبي ذباب، وتارة عن مجاهد عن ابن عمرو
موقوفا، إلى غير ذلك، وكله من تخليط الرواة ".
قلت: وقد بين أبو نعيم في " حلية الأولياء " (٣/٣٠٧ - ٣٠٩) هذه الوجوه
العشرة من الاضطراب، وزاد عليها فأفاد وأجاد، فمن شاء فليرجع إليه.