قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ولولا أنه يحتمل أن يكون من
الإسرائيليات لقلت - كما قال غيري - إنه في حكم الموضوع. والله أعلم.
والحديث قال ابن كثير في تفسيره (٤/٥٤٤) بعد أن ذكره من المصدرين السابقين:
" وقد روي هذا من حديث أنس، وعمر بن الخطاب ".
قلت: حديث أنس ضعيف الإسناد، ومع ذلك فهو مختصر ليس فيه إلا الجملة الأخيرة
منه في حديث آخر بلفظ:
" ونار جهنم سوداء مظلمة ".
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (١٠/٣٨٨) :
" رواه البزار، ورجاله ضعفاء على توثيق لين فيهم ".
قلت: فيه تساهل ظاهر، فإن من رجاله زائد بن أبي الرقاد كما تبين من الرجوع
إلى " كشف الأستار " (٣٤٨٩) .
وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال البخاري: منكر الحديث ".
وأما حديث عمر فواه جدا، بل آثار الوضع عليه لائحة فلابد من ذكره على طوله،
وهو الآتي بعده.
هذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي ضخم بها الشيخ الصابوني الحلبي
كتابه " مختصر تفسير ابن كثير " (٣/٦٧٠) وما كنت لأهتم بذلك لولا أنه تشبع
بما لم يعط وزعم في مقدمته أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وواقع
الكتاب يكذبه. وقد كنت بينت ذلك بيانا شافيا، مع بعض الأمثلة في مقدمة
المجلد الرابع من " الصحيحة "، وهذا الحديث من الأمثلة الجديدة على ذلك،
وتقدم غيره.
ثم اطلعت على " مختصر تفسير ابن كثير " للشيخ نسيب الرفاعي الحلبي، فإذا به قد
سبق ابن بلده إلى هذا الزعم الكاذب في مقدمته، وأخل به كإخلاله أوأشد، فقد
زاد عليه في التشبع بما لم يعط: أنه وضع في آخر كل مجلد فهرسا لأحاديثه صدر كل
حديث منها بذكر مرتبته بقوله: " صح "، " حسن " وأحيانا " مرسل " " ض " كل
ذلك بمحض رأيه غير