الذين سرقها منهم،
ولذلك فمنها النافع ومنها الضار، ومن أبرز ما فيه من النوع الثاني وأسوئه
كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيه، ومن مكره إن لم نقل كذبه أنه كساها
ثوب الصحة بزعمه في مقدمته: إنه استبعد منه الأحاديث الضعيفة والموضوعة!
ولذلك كنت شرعت في الرد عليه في هذه الدعوى الكاذبة وغيرها حين وجدت المناسبة
والظروف المواتية، وتعهد بعضهم بنشره، وفعلا نشر من أوله ثلاث مقالات
متتابعة في جريدة (الرأي) ، ثم لم يتح لبقيتها النشر لأسباب لا تخفى على أهل
العلم، ولقد كان مما انتقدته منها هذا الحديث الباطل المخالف للكتاب والسنة
معا كما بينه علماؤنا رحمهم الله تعالى. من ذلك قول ابن عبد البر في " باب
موضع السنة من الكتاب وبيانها له " من كتابه القيم " جامع بيان العلم وفضله "
، قال (٢/١٩٠ - ١٩١) :
" وقد أمر الله عز وجل بطاعته واتباعه أمر مجملا لم يقيد بشيء، كما أمرنا
باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ، قال
عبد الرحمن بن مهدي:
" الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث.. " فذكره بنحوه ثم قال:
" وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من
سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا. نحن نعرض هذا الحديث
على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله
وجدناه مخالفا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق
التأسي به والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال ".
ولقد أطال النفس في الكلام على طرق هذا الحديث، وبيان بطلانه، وأنه من وضع
الزنادقة؛ الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام
" (٢/٧٦ - ٨٢) فشفى وكفى جزاه الله خيرا، ومن ذلك قوله:
" إنه لا يقول هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق، إنا لله وإنا إليه راجعون على
عظم المصيبة بشدة مطالبة الكفار لهذه الملة الزهراء، وعلى ضعف بصائر كثير من أهل