وهو مخالف لما دلت السنة العملية عليه من كراهته
صلى الله عليه وسلم لهذا القيام، كما حققته في غير هذا المقام.
ونحوه ما ذكره الأستاذ عزت الدعاس في تعليقه على " الشمائل " المحمدية " (ص -
١٧٥ - طبع حمص) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم -
(الأصل: ابن أم كلثوم!) ويفرش له رداءه ليجلس عليه ويقول: أهلا بالذي
عاتبني ربي من أجله، ولا أعلم لهذا الحديث أصلا يمكن الاعتماد عليه، وغاية
ما روي في بعض الروايات في " الدر المنثور " أنه صلى الله عليه وسلم كان يكرم
ابن أم مكتوم إذا دخل عليه. وهذا إن صح لا يستلزم أن يكون إكرامه صلى الله
عليه وسلم إياه بالقيام له، فقد يكون بالقيام إليه، أوبالتوسيع له في المجلس
، أوبإلقاء وسادة إليه، ونحوذلك من أنواع الإكرام المشروع.
وبهذه المناسبة لا بد لي من التنبيه على بعض الأخطاء التي وقعت للأستاذ
المذكور في تعليقه على حديث أنس: " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك "، فقد
ذكر أن هذا الحديث الصحيح لا ينافي القيام لأهل الفضل من الصالحين، والدليل:
١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكره قيام بعضهم لبعض.
٢ - وأنه أمر أسرى بني قريظة فقال لهم: قوموا لسيدكم، يعني سعد بن معاذ.
٣ - أنه قام لعكرمة بن أبي جهل.
٤ - وكان يقوم لعدي بن حاتم كلما دخل عليه.
٥ - وكان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم ...
٦ - وقد ورد أن الصحابة قاموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجواب: أنه لا يصح شيء من هذه الأدلة مطلقا، وهى على ثلاثة أنواع:
الأول: ما لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة، كالدليل الأول، بل ولا
علمت أحدا من العلماء المتقدمين ذكره حديثا، وكأنه رأي رآه بعضهم، فجاء غيره
فتوهمه حديثا! ويعارضه قول الشيخ علي القاري في " شرح الشمائل ": إن الأصحاب
ما كان يقوم بعضهم لبعض، واستدل عليه بحديث أنس المذكور آنفا، وهذا هو
اللائق بهم رضي